التجارة الإلكترونية هي بيع وشراء البضائع والخدمات والمعلومات بوسائل إلكترونية؛ حيث يلتقي البائعون والمشترون والسماسرة عبر هذا العالم الرقمي من خلال المواقع المختلفة؛ من أجل عرض السلع والخدمات والتعرف عليها، والتواصل والتفاوض والاتفاق على تفاصيل عمليات البيع والشراء.
وهناك عدة أشكال للتجارة الإلكترونية من حيث أطراف الاتصال، وهي: التجارة بين شركة وشركة، وبين شركة ومستهلك، أو مستهلك وشركة، وهناك تجارة تجري على صعيد أفراد.
وعلى الرغم من انتشار هذه التجارة على الصعيد الدولي، لا سيما في الدول المتقدمة؛ لما لها من مزايا وفوائد كثيرة، تعود على التاجر والمستهلك والمجتمع ككل، لما تنضوي عليه من توفير للوقت والجهد والتكاليف؛ إلا أن هذه التجارة ما زالت محدودة في مجتمعنا الفلسطيني، رغم اتساعها سنة بعد أخرى؛ وهذا ما تشير إليه إحصاءات "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" و"وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات"؛ فقد أظهرت الإحصاءات الصادرة في شهر أيار 2013 إلى أن 28.5% من المنشآت الاقتصادية الفلسطينية التي لديها إنترنت قامت بمعاملات تجارية إلكترونيًا، وأن نسبة المنشآت التي قامت بمعاملات تجارية بطرق إلكترونية قد بلغت 11.2% من إجمالي المنشآت في الأراضي الفلسطينية في العام 2011؛ في حين كانت نسبة المنشآت التي قامت بمعاملات تجارية إلكترونية 4.2% من إجمالي المنشآت في العام 2009 مقارنة مع 2.3% في العام 2007.
وقد شهد سوق التجارة الإلكترونية نموا خلال فترة كورونا؛ لكن لا يوجد أي بيانات خاصة عن حجم المبيعات في السوق الإلكتروني خلال هذه الفترة؛ بينما في عام 2019 فقد كان هناك حوالي 900 ألف طرد من الخارج، 85% منها قدمت من الصين عن طريق البريد الفلسطيني.
إن نسبة النمو بين عامي 2018 و2019 بلغت حوالي 40%. وأصبح هذا السوق يشكل عامل نمو مهم، فهو فضاء واعد، وخاصة في ظل التوجه نحو العالم الرقمي.
أنواع المشتريات الأكثر رواجًا في السوق الإلكتروني:
المشتريات التي يتم شراؤها في السوق إلكترونيا 63% منها عبارة عن ملابس وأحذية واكسسوارات، 21% منها مستحضرات تجميل، 20% سلع منزلية، 10% معدات خاصة بالحاسوب، والنسبة المتبقية هي لمشتريات أخرى.
فئة الشباب الأكثر إقبالًا على الشراء عبر المواقع الإلكترونية:
تشير بيانات مسح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فلسطين للعام 2019 الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن 8.1% من الأفراد (18 سنة فأكثر) في فلسطين قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الإنترنت (9.4% في الضفة الغربية، و5.5% في قطاع غزة). وتبين أن الشباب شكلوا النسبة الأكبر منهم. وجاءت هذه الأرقام قريبة من بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد 2019)، التي أشارت إلى أن نسبة المتسوقين على الإنترنت (15 سنة فأكثر) في فلسطين، بلغت 8% من إجمالي مستخدمي الإنترنت في العام 2017 (4% من إجمالي السكان).
جدول يوضح نسبة الأفراد (18 سنة فأكثر) الذين قاموا بشراء سلع أو خدمات عبر الإنترنت في فلسطين حسب،2019 مكان النطاق الجغرافي، والجنس، والفئة العمرية، ونوع التجمع:
النطاق الجغرافي |
النسبة |
فلسطين |
8.1 |
الضفة الغربية |
9.4 |
قطاع غزة |
5.5 |
الجنس |
|
ذكر |
7.3 |
أناث |
8.9 |
فئات العمر |
|
18-29 |
8.7 |
30-39 |
8.5 |
40-49 |
7.7 |
50-59 |
6.5 |
+60 |
1.3 |
نوع التجمع |
|
حضر |
8.1 |
ريف |
8.5 |
مخيمات |
6.3 |
الجهات الرسمية التي لها علاقة مباشرة بتنظيم التجارة الإلكترونية في فلسطين:
كما هو متعارف عليه في معظم دول العالم، فإن مسؤولية تنظيم التجارة الإلكترونية هي مسؤولية مشتركة بين جهات رسمية عدة تنسق فيما بينها من أجل الوصول إلى طريقة فعالة تحفظ حقوق الأطراف كافة (المستهلك وتجار التجارة الإلكترونية، والحكومة).
في الحالة الفلسطينية تقع مسؤولية تنظيم التجارة الإلكترونية على أربع جهات رسمية (حكومية) يغطي كل منها جانبًا من الجوانب المتعلقة بهذه التجارة، فعلى سبيل المثال، تقع مسؤولية تنظيم عمل الشركات العاملة في مجال التجارة الإلكترونية، وتوقيع الاتفاقات التجارية في المجال الإلكتروني، وحماية المستهلك في الفضاء الرقمي على "وزارة الاقتصاد الوطني"؛ أما وزارة المالية، فتعالج جانب الضرائب المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، وهو من المواضيع الحساسة التي بحاجة إلى دراسة سياسات فعالة لتنظيمها؛ في حين تقع مسؤولية البنية التحتية الفنية (التقنية) اللوجستية، على عاتق "وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"؛ أما الجانب المالي ووسائل الدفع الإلكتروني، فتلعب "سلطة النقد" الجانب الرئيسي في توفيرها وتنظيمها.
أبرز المعيقات التي تحول دون انتشار التجارة الإلكترونية في المجتمع الفلسطيني:
1- عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يعاني منه المجتمع الفلسطيني؛ نتيجة استمرار الاحتلال الذي يقف عائقًا أمام تطور هذا المجتمع واستقراره الأمني، ويحول دون خلق البيئة المناسبة لبناء اقتصاد فلسطيني متطور وفاعل وحيوي ومتحرر من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي. وقد احتجزت إسرائيل بين 2008-2018 آلاف الأطنان من المواد البريدية القادمة من الخارج في الأردن، وتم الإفراج عن جزء منها بتدخل من "الاتحاد العالمي للبريد" بعد 10 سنوات؛ ما أدى إلى تلف جزء كبير منها؛ ما أثر بشكل كبير على شراء السلع من الخارج.
2- غياب البيئة القانونية الناظمة للتجارة الإلكترونية في فلسطين، التي توفر الثقة والأمان وحفظ الحقوق؛ مثل "قانون المعاملات الإلكترونية" الذي لم يطبق بعد، و"قانون الجرائم الإلكترونية" الذي يفترض أن يغطي جرائم الاحتيال التي تحدث عبر الانترنت على بطاقات الائتمان وشراء سلع تالفة، و"قانون القيمة المضافة"؛ فهذه القوانين تغطي التجارة العامة؛ لكنها لا تغطي التجارة الإلكترونية والسلع الرقيمة بشكل خاص؛ فكل العمليات الجارية في الأرض الفلسطينية تتم عبر وسيط وفي ظل فراغ قانوني.
3- غياب البوابة التي تتم من خلالها المعاملات الإلكترونية وتضمن صحة المعاملات المالية لهذه التجارة، 4-عدم توفر الخدمات المصرفية الإلكترونية بشكل كاف، وخاصة أدوات الدفع الإلكترونية.
5- غياب ثقافة الشراء عبر الإنترنت في المجتمع الفلسطيني، لمحدودية السوق، وطبيعة الشراء السريع المتوفر، والثقافة الفلسطينية التي تفضل معاينة البضاعة قبل شرائها؛ أي المعاملة وجها لوجه.
6- عدم إدراك الكثير من الشركات والأفراد أهمية التجارة الإلكترونية، رغم وجود بنى تحتية قادرة، رغم حداثتها، على المساهمة في توسيع نطاق التجارة الإلكترونية أكثر مما هي عليه.
7- معيقات تتعلق بوسائل الدفع الإلكتروني، فحوالي 86% من عمليات الشراء عن طريق الإنترنت تتم بالدفع عند استلام البضاعة؛ والبقية (نحو 15%) يستخدمون "الفيزا كارد" أو بطاقات الائتمان الإلكترونية، ووسيلة الدفع هذه فيها تحديات كبيرة خاصة للشركات المحلية التي تقوم ببيع منتجاتها عبر الانترنت، إذ يمتنع الكثير من الناس عن الدفع لأي سبب من الأسباب؛ ناهيك عن تكاليف التوزيع والنقل.
8- افتقار السوق المحلي إلى التنظيم؛ إذ نلاحظ الانتشار الكثيف لمواقع البيع وصفحات التجارة إلكترونية غير المعروفة المصدر وغير الموثوقة، التي يجهل الناس جودة ومضامين منتجاتها؛ فتكون غير موثوقة؛ فهناك أكثر من ألف صفحة للتجارة الإلكترونية غير منظمة أي غير مرخصة ولا تسجيل لها في وزارة الاقتصاد أو وزارة تكنولوجيا المعلومات.