ظهر العمل بتجارة الخردة في فلسطين منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، ثم انتشرت مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م في العديد من المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، لا سيما في الضفة الغربية؛ وتحديدًا في محافظة الخليل، التي تستأثر بنسبة 40% من حجم هذه التجارة (حسب إحصاءات غرفة صناعة وتجارة الخليل عام 2014م)؛ في حين شكلت تجارة الخردة 60% من اقتصاد بلدة إذنا في العام 2014 (حسب مجلسها البلدي)؛ أما "الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني" فقد جاء في بيانه بمناسبة "اليوم الوطني للمنتج الفلسطيني" في 3 تشرين الثاني 2024م: خلال عام 2022 صدرت فلسطين منتجات وطنية المنشأ بما قيمته 1.2 مليار دولار جاء في مقدمتها حجر البناء بواقع 147 مليون دولار أمريكي، تلاه حديد الخردة بقيمة 87 مليون دولار أمريكي.
كما أظهر البيان بأن خردة الحديد فقط احتلت المرتبة الثانية ضمن أهم السلع وطنية المنشأ التي تم تصديرها لعام 2022.
إجمالي قيمة أعلى عشر سلع تم تصديرها من فلسطين* لعام 2022 (القيمة بالألف دولار أمريكي)
السلعة |
القيمة |
حجر بناء |
147,091 |
حديد خردة |
86,556 |
أكياس بلاستيك |
79,130 |
مقاعد منجدة |
66,429 |
حصمة |
61,081 |
تمور |
49,840 |
زيت زيتون |
42,601 |
بروفيلات ألمنيوم |
30,655 |
أثاث خشبي |
24,857 |
*: البيانات لا تشمل ذلك الجزء من محافظة القدس والذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية عام 1967.
وتعتمد هذه المهنة على شراء الأجهزة المعدنية والبلاستيكية التالفة كالثلاجات والغسالات والسيارات ومولداتها، وكوابل الكهرباء والأواني المنزلية والكراسي، وغيرها من أحياء ومدن الضفة الغربية؛ إضافة إلى استيرادها من داخل إسرائيل؛ ثم تجميعها في مجمعات خاصة تعمل على إعادة فرزها وتنظيفها، تمهيدًا لتصديرها إلى مصانع الصهر في إسرائيل، بهدف إعادة تدويرها، أو تصديرها خارج البلاد إلى تركيا وكوريا والهند.
وتقدر كمية هذه المخلفات بآلاف الأطنان، وتضم: الألمنيوم بأنواعه، والحديد، والنحاس، والنيكل، والرصاص، والقصدير، وغيرها من المعادن؛ بالإضافة إلى البلاستيك.
أماكن وجود الخردة في فلسطين:
للخردة مجمعات كبيرة في إذنا، ودير سامت، وبيت عوا في محافظة الخليل؛ وفي منطقة قصر الهوى بين قرية أرطاس وبيت لحم في محافظة بيت لحم؛ وفي منطقة المشتل مدخل بلدة العيزرية، وفي منطقة البستان، وفي طريق وادي النار في محافظة القدس؛ وفي منطقة كتف الواد قرب الشارع الالتفافي في محافظة أريحا؛ وفي المنطقة الصناعية في البيرة في محافظة رام الله والبيرة؛ ومنطقة الدوير في محافظة سلفيت؛ وفي المنطقة الصناعية قرب مخيم عسكر الجديد في محافظة نابلس؛ وفي وادي دعوق، والمنطقة الصناعية في شارع الناصرة في محافظة جنين؛ وبالقرب من مخيم طولكرم، وفي قرية ارتاح في محافظة طولكرم؛ وفي شارع نابلس صوفين في محافظة قلقيلية؛ أما محافظة طوباس فلا يوجد فيها مجمعات للخردة، وتشحن الخردة منها إلى منطقة عسكر في محافظة نابلس وفي بعض المحافظات في قطاع غزة.
أسباب انتشار تجارة الخردة في فلسطين:
1- ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الفلسطينيين، بسبب الحصار الإسرائيلي وبناء جدار الفصل العنصري، الذي حال دون وصول العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم في سوق العمل الإسرائيلي.
2- انحصار فرص العمل بها في السوق المحلي الفلسطيني.
3- العائد المادي المجدي الناتج عن هذه المهنة، لا سيما لأصحاب مجمعات الخردة؛ بالرغم من أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من هذه التجارة لأنها تستأثر بمجمل المعادن بعد فرزها وتنظيفها لصالح إعادة صهرها وتدويرها في مصانعها؛ علماً بأن سعر طن الحديد يصل إلى 250 دولارًا، وسعر طن النحاس يصل إلى 6500 دولار، وسعر طن الألمنيوم نحو 1100 دولار.
4- القوانين الإسرائيلية التي تحظر وجود مثل هذه المجمعات داخل إسرائيل؛ لما تلحقه من أضرار في البيئة؛ لتجد إسرائيل ضالتها في الأراضي الفلسطينية.
الآثار الإيجابية المترتبة على التجارة والعمل بالخردة:
هذه التجارة تشكل مصدر رزق لـمئات الأسر التي يعمل أبناؤها في جمع الخردة؛ بالإضافة إلى العاملين في نقل هذه الـمعادن من أفراد وأصحاب الـمركبات؛ وصولاً إلى من يقوم بتجهيزها في مصانع كبس الـمعادن.
الآثار السلبية المترتبة على التجارة والعمل بالخردة:
1- تهدد الصحة العامة للمواطنين بسبب قرب مجمعات الخردة من مساكن المواطنين، حيث يجري حرقها واستخلاص المعادن.
2- التلوث البيئي المتمثل في تلوث الهواء والتربة والمياه الجوفية؛ حيث تعتبر عملية حرق مخلفات الخردة والتي تتمثل في: حرق كوابل النحاس والألمنيوم، وإطارات السيارات، والتي تهدف إلى استخراج المعادن؛ ما يعدّ من أكثر الأمور خطرًا على البيئة.
3- عمالة الأطفال، التي تنتشر في هذا القطاع بشكل كبير.
4- إصابات العمل التي من أسبابها عدم توفير وسائل السلامة العامة في هذه المحلات، بالإضافة إلى احتوائها على مواد خطرة من مخلفات الجيش الإسرائيلي.