اجتماع القيادة الفلسطينية 19 تشرين الثاني 2019
بحضور الرئيس محمود عباس، بدأت القيادة، اليوم الثلاثاء، سلسلة اجتماعات طارئة، لاتخاذ الإجراءات والآليات الواجب اتباعها لمواجهة القرارات الأميركية الخطيرة ضد القضية الفلسطينية، وآخرها تصريحات وزير الخارجية بومبيو بخصوص المستوطنات.
وأكدت القيادة أنه سيتم التحرك على المستوى الداخلي، وسيتم عقد اجتماعات للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة فتح، وفصائل العمل الوطني والتنظيمات الشعبية والمجتمع المدني، وللحكومة من أجل دراسة التوصيات الضرورية لتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز المقاومة الشعبية في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية التي تقوم بها الإدارة الأميركية.
وشددت على أنه سيتم كذلك التحرك على المستويين العربي والدولي، وسيتم التوجه لمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لاتخاذ القرارات المصيرية الهادفة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة حسب القانون والشرعية الدولية، والمؤسسات الدولية الخاصة بتطبيق القانون الدولي وحماية حقوق الانسان.
وأشارت إلى أنه سيتم التواصل مع الأحزاب العربية والدولية كافة، والمنظمات الدولية، بما في ذلك تحريك الملفات لدى المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى التواصل مع دول العالم كافة، وإرسال رسائل هامة تتعلق بضرورة اتخاذ مواقف قوية وواضحة بشأن القرارات الأميركية من القدس والاستيطان وباقي القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية، لاتخاذ مواقف داعمة للموقف الفلسطيني والقانون والشرعية الدولية وحفظ الأمن والسلم الدوليين.
وأكدت القيادة، أهمية وضع آليات لتنفيذ القرار الأممي رقم 2334 الخاص بإدانة الاستيطان واعتباره غير شرعي وفق القانون الدولي، إضافة إلى استكمال الانضمام للمنظمات الدولية المهمة، والتي تشكل تحدياً مهماً.
وطالبت القيادة في اجتماعها الطارئ، جماهير شعبنا الفلسطيني داخل الوطن وكافة أماكن وجوده للتحرك لإفشال هذا المشروع التآمري لتصفية القضية الفلسطينية. وقررت بقاء الاجتماعات في حالة انعقاد دائم لمتابعة تنفيذ قراراتها.
اجتماع القيادة الفلسطينية 25 تموز 2019
قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن القيادة قررت وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي، وتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملا بقرار المجلس المركزي.
وأضاف سيادته عقب اجتماع القيادة الذي عقد، مساء اليوم الخميس، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، "لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة وتحديدا بالقدس، وكل ما تقوم به دولة الاحتلال غير شرعي وباطل".
وتابع الرئيس: "أيدينا كانت وما زالت ممدودة للسلام العادل والشامل والدائم، لكن هذا لا يعني أننا نقبل بالوضع القائم أو الاستسلام لإجراءات الاحتلال، ولن نستسلم ولن نتعايش مع الاحتلال، كما لن نتساوق مع "صفقة القرن"، ففلسطين والقدس ليست للبيع والمقايضة، وليست صفقة عقارية في شركة عقارات".
وشدد سيادته على أنه "لا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا والعالم دون أن ينعم شعبنا بحقوقه كاملة، ومهما طال الزمان أو قصر سيندحر الاحتلال البغيض وستستقل دولتنا العتيدة".
وقال الرئيس: "الأبرتهايد الذي انتهى منذ ثلاثين عاما من كل العالم لا زال هنّا مرعيا من قبل أميركا، عبر فرض سياسة الفصل العنصري".
وأعرب سيادته عن شكره لكل دول العالم الصديقة والشقيقة التي تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في المحافل الدولية، لكن نريد خطوات عملية وتنفيذ القرارات الأممية على الأرض ولو لمرة واحدة.
وأكد الرئيس أن الأوان قد حان لتطبيق اتفاق القاهرة 2017 الذي ترعاه الشقيقة مصر، ولا نريد العودة إلى مأساة اجتماع موسكو عندما رفضت حماس الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتساوقت في ذلك مع إسرائيل وأميركا، قائلا: "يدي ممدودة للمصالحة وآن الأوان أن نكون أكثر جدية".
فيما يلي نص كلمة الرئيس:
كلمة الرئيس محمود عباس عقب اجتماع القيادة الفلسطينية 25 تموز 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ"
صدق الله العظيم
شعبنا الفلسطيني العظيم في الوطن والشتات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في ضوء ما أقدمت عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي من تدمير للعشرات من بيوت أهلنا في القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين الأبدية؛ وتشريد مئات المواطنين الآمنين من صور باهر وغيرها، الذين أصبحوا بلا مأوى؛ في خرق إسرائيلي واضح للقانون الدولي -كعادتها- وخرق للشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة بيننا وبينها؛ الأمر الذي لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره تطهيراً عرقياً، وجريمة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عليها-مع أن مسألة التطهير العرقي انتهت من كل العالم بعد جنوب إفريقيا إلا أنها بقيت للآن في إسرائيل برعاية أميركية-.
ووفاءً لشهدائنا وجرحانا وأسرانا وعذابات شعبنا الذي يعيش تحت أطول احتلال في تاريخنا المعاصر، في أرض دولة فلسطين المحتلة وباسم اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان وحقهم في العودة إلى ديارهم، نقولها بوضوح: إننا لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة، وتحديدًا في القدس وغيرها؛ الأرض الفلسطينية كلها مقدسة، وبقية المدن والقرى لا تقل تقديساً عن القدس، "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله"، فكل فلسطين أرض مباركة.
نقولها بوضوح: اننا لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة، وتحديدا في القدس؛ وإن كل ما تقوم به دولة الاحتلال فيها من إجراءات، غير شرعي، وباطل، باطل، باطل.
إن الإدارة الأميركية، ومن خلال سياساتها المنحازة لإسرائيل ومحاولاتها تغيير المرجعيات الدولية بتمرير صفقة القرن، توفر الغطاء للانتهاكات الإسرائيلية ضد شعبنا؛ الأمر الذي رفضناه، وسوف نستمر في رفضه، التزاما منّا بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومصلحة شعبنا وحقوقه، وسوف يفشّل شعبنا الفلسطيني بصموده ومقاومته الشعبية السلمية المخططات الإسرائيلية والأميركية على حد سواء.
ومهما طال الزمن أو قصر، فسوف يندحر هذا الاحتلال البغيض عن أرضنا وسوف تستقل دولتنا العتيدة بإذن الله؛ فلا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا وكل العالم دون أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة.
وفي هذا السياق، فإننا نعيد التأكيد مرة أخرى بأننا لم نفوض أحدا بالحديث باسم دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني)، الشرعي والوحيد؛ ليس لنّا شريك. الأمة العربية إخوتنا وأصحاب مصلحة في القضية الفلسطينية؛ لكننا نحن أصحاب القرار الأول.
إن سلطة الاحتلال الإسرائيلي قررت التنكر لجميع ما ترتب عليها من التزامات وفقًا للاتفاقات الموقعة معها؛ حيث تواصل قتل المواطنين الفلسطينيين واعتقالهم وهدم بيوتهم ومصادرة أراضيهم؛ إضافة إلى إغلاق الطرق بمئات الحواجز وبناء الجدران التي تقطّع أوصال الأرض الفلسطينية، وفرض سياسة الفصل العنصري "الأبرتهايد" التي نبذها العالم أجمع؛ هذا "الأبرتهايد" الذي انتهى منذ ثلاثين عاماً من كل العالم؛ لا زال هنا مرعيًا من قبل أميركا. وأخيرا ممارسة القرصنة للأموال الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، تواصل قطعان المستوطنين، مدعومة بدولة الاحتلال، الاعتداءات على أرواح وممتلكات أبناء شعبنا في مدنهم وقراهم، وعلى مقدساتنا المسيحية والإسلامية، وبالذات المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه. وشعبنا يجب أن لا يسكت عنه، وشعبنا يجب أن يمنعه بكل الوسائل المشروعة، يجب أن يقف في وجه كل من يريد أن يعتدي علينا، كفى كفى كفى.
إن أيدينا كانت وما زالت ممدودة للسلام؛ لأننا نؤمن بالسلام الشامل والعادل والدائم؛ ولكن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أننا نقبل باستمرار الوضع القائم، أو الاستسلام للسياسات والإجراءات الاحتلالية.
وأجدد التأكيد أننا لن نستسلم، ولن نتعايش مع الاحتلال، ولن نتساوق مع "صفقة القرن" أو صفعة القرن أو صفقة العار (كلها مسميات لاسم واحد)؛ ففلسطين والقدس ليست للبيع والمقايضة، وليست صفقة عقارات في شركة عقارات.
وفي الوقت الذي نشكر فيه كل من يقف إلى جانبنا من دول وشعوب العالم من أجل نيل حقوقنا، فإننا نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في ردع العدوان الإسرائيلي على شعبنا وإنهاء احتلاله لدولتنا؛ وذلك بتنفيذ ما اتخذه من قرارات بهذا الشأن.
بالأمس كان هناك اجتماع بمجلس الأمن: 14 دولة تكلمت بلغة؛ وأميركا تكلمت بلغة وحدها؛ ويخرج غرينبلات ليقول: الفلسطينيون معزولون. أنا أريد أن أعرف من هو المعزول. هل نحن أم هم؟ هل هم أمام 14 دولة أم نحن ومعنا 14 دولة. ونحن معنا 135 دولة (مجموعة ال77 والصين) نترأسها، و140 دولة تعترف بنّا. من هو الذي في عزلة؟ هل نحن أم أميركا؟ ومع ذلك نقول لدول العالم: نريد عملًا، نشكركم على موقفكم من رؤية الدولتين والاحتلال وحدود 1967؛ لكن نريد خطوات عملية ولو مرة واحدة لتنفيذ القرارات الأممية سواءً في مجلس الأمن. يوجد 86 قرارًا، اختاروا أي قرار ونفذوه؛ أو قرارات الجمعية العامة 700 قرار أي قرار خذوه ونفذوه؛ لكن للأسف، لم ينفذ أي قرار، وفي الوقت ذاته نتحدث عن الشرعية الدولية والعدالة الدولية أعتقد أن هذا أمر لا يمكن قبوله في القرن الـ21.
ونقول لاخواننا في غزة: آن الأوان لتطبيق اتفاق 2017 أنتم من بادر للبدء بالحوار، ومصر مشكورة رعت هذا الحوار؛ والعرب كلهم موافقون على هذا الاتفاق (2017)؛ نتفق؛ ثم نطبقه. عندما نقول نريد أن نواجه إسرائيل بقوانا جميعها. أنتم أين؟ ومع من؟ أنا أفهم المنظمات المنخرطة في منظمة التحرير؛ لكن أنتم أين؟ لا نريد أن نعود إلى مأساة اجتماع موسكو، عندما رفضتم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتساوقتم مع إسرائيل وأميركا؛ لأن العالم كله يتحدث عن دولتين، والعالم كله موافق على القرار 2334؛ والعالم كله موافق على قرارات الجمعية العامة بدولة فلسطين منذ أن حصلنا على "عضو مراقب"؛ وأنتم تقولون: لا لمنظمة التحرير. مع من تقفون؟ لا زالت يدي ممدودة للمصالحة؛ وأريد المصالحة؛ ولي مصلحة بأن تكون هناك مصالحة؛ أمّا أن نبقى هكذا ونتكلم عن أشياء جانبية، عن أشياء فرعية، عن أشياء هامشية، أعتقد آن الأوان لأن نكون أكثر جدية.
وعلى ضوء ما جرى في اجتماع القيادة اليوم من مداولات، وأمام إصرار سلطة الاحتلال على التنكر لجميع الاتفاقات الموقعة، وما يترتب عليها من التزامات- نعلن عن قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي؛ والبدء بوضع آليات، ابتداء من يوم غد، بتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملًا بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني.
بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
صدق الله العظيم