الدورة الرابعة عشر (دورة هواري بو مدين)/ دمشق، 15-22 كانون الثاني 1979

عقدت في مدينة دمشق بتاريخ 15-22 كانون الثاني يناير 1979م

(دورة هواري بو مدين)

بعد زيارة الرئيس المصري أنور السادات للقدس وتوقيعه اتفاقيتي كامب ديفيد ومعاهدة الصلح المصرية – الإسرائيلية، وتخليه عن قضية فلسطين، وخروجه على إرادة الأمة العربية وقرارات مؤتمرات القمة العربية في الجزائر والرباط، وضربة التضامن العربي والنضال القومي أصبح انعقاد المجلس الوطني في القاهرة (حيث مقر جامعة العربية ) في ظل حكم السادات ونظامه أمراً غير مقبول فلسطينيا وعربيا. فاتجهت الأنظار إلى عقد المجلس في دمشق نظراً لصمودها ومقاومتها سياسة كامب ديفيد وتمسكها بالحق الفلسطيني ودعمها نضال الشعب الفلسطيني.

وهكذا عقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته الرابعة عشرة في دمشق في جو طغت عليه المخاطر الناجمة عن سياسة كامب ديفيد وتخلي النظام المصري عن قضية فلسطين وارتمائه في أحضان الإمبريالية والصهيونية وتشكلت فيه الجهة القومية للصمود والتصدي من منظمة التحرير وسوريا وليبيا والجزائر وجمهورية اليمن الديمقراطية. عقدت هذه الدورة بعد القمة العربية في بغداد عام 1978. وهي القمة التي رفضت نهج السادات واعتبرت كامب ديفيد عملية استسلام من قبل النظام المصري للعدو الصهيوني، وضربة للتضامن العربي والنضال الفلسطيني.

ونظرا لموقف الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين الصامد من قضية فلسطين ودعمه لنضال شعبها وافق المجلس بالإجماع على إطلاق اسمه على هذه الدورة.

كما وافق على اعتبار المناضل المطران هيلاريون  كبوجي عضو شرف في المجلس، ووافق على قبول ثمانية أعضاء جدد.

تم إقرار جدول الأعمال ثم ناقش المجلس الوطني البرنامج السياسي والبرنامج التنظيمي اللذين أقرهما المجلس المركزي، كما ناقش الوضع في الجنوب اللبناني بمشاركة ممثلي الحركة الوطنية والجبهة القومية في لبنان.

ابتدأ المجلس العمل للاستماع الى التقرير السياسي المقدم من اللجنة التنفيذية  عن التطورات والإنجازات والاتصالات التي قامت بها منذ انعقاد الدورة السابقة للمجلس ، ثم الاستماع إلى التقرير المالي المقدم من اللجنة التنفيذية عن التطورات والإنجازات التي قامت بها منذ انعقاد الدورة السابقة للمجلس ، ثم الاستماع إلى التقرير المالي المقدم من مجلس إدارة الصندوق القومي عن أوضاع المنظمة المالية  والموازنة.

وكان المجلس المركزي قد عقد عدة جلسات شارك فيها الأمناء العامون لفصائل حركة المقاومة من أجل الاتفاق على برنامج سياسي وبرنامج تنظيمي لمواجهة المرحلة الدقيقة المقبلة الناتجة عن سياسة كامب ديفيد والصلح المصري– الإسرائيلي. وقد اتفق المشتركون في هذه الاجتماعات على البرنامج السياسي والبرنامج التنظيمي تمهيدا لعرضهما على المجلس الوطني.

وبعد تلاوة مشروعي البرنامجين ومناقشتهما وافق المجلس الوطني عليهما بالإجماع. وتجدر الإشارة إلى أهمية هاتين الوثيقتين لأنهما شكلتا عاملاً هاماً في نجاح الدوره الرابعة عشرة وتقوية الوحدة الوطنية والنضال الفلسطيني في إطار منظمة التحرير. وفيما يلي موجز لأهم ما جاء فيهما:-

البرنامج السياسي:

1. إن التسوية الأمريكية للصراع العربي– الصهيوني التي تجسدت في اتفاقيات كامب ديفيد تشكل أخطارا مصيريه على قضية فلسطين وقضية التحرر الوطني العربية فهي تسلم للعدو الصهيوني بمواصلة اغتصاب التراب الوطني الفلسطيني، وتلغي حق الشعب العربي الفلسطيني الثابت في وطنه فلسطين وحقه في العودة إليه وتقرير مصيره وممارسة استقلاله الوطني فوق أرضه، وتفرط بأجزاء أخرى من الأرض العربية، وتتجاوز منظمة التحرير الفلسطينية قائد الكفاح الوطني لشعبنا وممثله الوحيد الناطق باسمه والمعبر عن إرادته. 

2. إن هذه الاتفاقيات تشكل اعتداء على الشرعية الفلسطينية والعربية والدولية وتمهد الطريق لإحكام سيطرة الامبريالية الأمريكية والصهيونية على منطقتنا العربية والبلدان الأفريقية ولاستخدام النظام المصري– في إطار التحالف مع الامبريالية والصهيونية – كأداة قمع لحركة  التحرر الوطني العربية والإفريقية.

3. وإدراكاً منا لخطورة المؤامرة الجديدة وأبعادها فان المسؤولية الوطنية في منظمة التحرير الفلسطينية -كممثلة لشعبنا العربي الفلسطيني بجميع فصائله وقواه الوطنية- تحتم علينا رفض المخطط التآمري الجديد، والتصدي له، والدفاع عن شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة  في وطنه فلسطين وثورتنا الفلسطينية.

4. واستجابة منا لإرادة شعبنا وللتحديات التي تواجهنا وإيمانا منا بالوحدة الوطنية في منظمة التحريرالفلسطينية طريقا وحيدا لانتصارنا، وانطلاقا من الميثاق الوطني الفلسطيني، وقرارات المجالس الوطنية الفلسطينية، ووثيقة طرابلس الوحدوية بين فصائل الثورة الفلسطينية، وحق شعبنا في إقامة الدوله الديمقراطية على كامل ترابه الوطني، وفي مواجهة هذه المرحلة الدقيقة الخطيرة من نضال شعبنا، نعلن نحن ممثلي كافة  فصائل الثورة والقوى الوطنية الفلسطينية ما يلي:-   


أ- في المجال الفلسطيني:

1. التمسك بالحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا في وطنه فلسطين، وحق في العودة  إليه وتقرير مصيره على أرضه دون تدخل خارجي، وإقامة دولته المستقلة  فوق ترابه الوطني دون قيد أو شرط.

2. الدفاع عن منظمة التحرير الفلسطينية، والتمسك بها  ممثلا شرعياً وحيداً لشعبنا، وقائداً لنضاله الوطني وناطقاً باسمه في كافة المحافل العربية والدولية، ومقاومة كافة المحاولات التي تستهدف النيل من منظمة التحرير الفلسطينية أو تجاوزها والالتفاف حولها أو خلق بدائل أو شركاء لها في تمثيل شعبنا الفلسطيني.

3. التصميم الثابت على مواصلة وتصعيد الكفاح المسلح وكافة أشكال النضال السياسي والجماهيري، ولا سيما داخل الأرض المحتله باعتبارها تشكل ميدان الصراع الرئيس مع العدو الصهيوني.

4. التشديد على أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي– الصهيوني وأساسه، ورفض جميع القرارات والاتفاقيات التي لاتعترف بحقوق شعبنا الثابتة في وطنه فلسطين أو تنتقص منها.

5. رفض ومقاومة مشروع الحكم الذاتي في الوطن المحتل لأنه يكرس الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

6. تأكيد وحدة شعبنا العربي الفلسطيني داخل فلسطين باعتبارها جزءا لا يتجزأ من منظمة التحرير الفلسطينية، وتوفير كل الوسائل للدعم السياسي والمادي لها بما يمكنها من تعبئة جماهير شعبنا في الداخل ومواجهة الاحتلال الصهيوني ومخططاته ومشاريعه المعادية لشعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة.

7. التمسك بفلسطين وطناً تاريخياً لا بديل عنه للشعب الفلسطيني، ومقاومة كافة مشاريع التوطين.

ب- في المجال العربي:

1. التشديد على أن مواجهة اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها ونتائجها بما تمثله من أخطار مصيرية على القضية والنضال العربي هي مسؤولية الجماهير العربية بأسرها وقواها الوطنية والتقدمية، وأن الجبهة القومية للصمود والتحدي، وحلقتها المركزية سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية، هي القاعدة الرئيسية للتصدي لمؤامرة التسوية الأمريكية الصهيونية.

2. العمل على تعزيز وتدعيم جبهة الصمود والتحدي، وتوسيع قاعدتها على أساس مقاومة مخططات التسوية الإمبريالية– الصهيونية، والتمسك بهدف تحرير جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتله وبالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني،  وعدم التفريط أو المساس بها.

3. دعوة كافة الأحزاب والحركات والقوى الوطنية التقدمية في الوطن العربي إلى مساندة وتوفير كل إمكانيات الدعم الجماهيري والمادي لجبهة الصمود والتصدي.

4. تمسك منظمة التحرير الفلسطينية بوحدة وعروبة واستقلال لبنان، واحترامها للسيادة اللبنانية، والتزامها باتفاقية القاهرة وملحقاتها التي تنظم العلاقة بينها وبين السلطة الشرعية اللبنانية.

5. تشديد المنظمة على العلاقة ذات الطبيعة الخاصة التي تربط بين الشعبين الشقيقين الفلسطيني والأردني، وحرصها على استمرار التلاحم بين الشعبين الشقيقين، وتمسكها بقرارات القمم العربية الصادرة في الجزائر والرباط وبغداد، والمؤكدة أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وبحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته الوطنية المستقلة.

وتعتبر المنظمة التزام النظام الأردني بهذه القرارات ورفض اتفاقيات كامب ديفد ونتائجها وتمكين المنظمة من ممارسة مسؤوليتها النضالية والشعبية ضد العدو الصهيوني هو القاعدة التي تحكم علاقة المنظمة بالنظام الأردني.

6. حق المنظمة في ممارسة مسؤولياتها النضالية على المستوى العربي والقومي عبر أية أرض عربية في سبيل تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.

7. إن مواقف المنظمة وعلاقاتها مع أي نظام عربي تحدَّد على ضوء موقف أي نظام من الالتزام بمقرارات قمتي الجزائر والرباط ورفضه اتفاقيات كامب ديفيد وملحقاتها ونتائجها ومقاومتها.

8. دعوة كافة القوى والعربية والأنظمة الوطنية والصديقة إلى دعم ومساندة الشعب المصري وحركته الوطنية لتمكينها من التصدي لمؤامرة السادات، وإسقاط اتفاقية كامب ديفيد وانعكاساتها على الشعب المصري وعروبته وتاريخه النضالي ضد الصهيونية والإمبريالية.

ج- في المجال الدولي:

1. إن الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني ونضاله الوطني وضد حركة التحرر الوطني العربية وأهدافها في التحرير والاستقلال، سواء من خلال دعمها للكيان الصهيوني أو من خلال أدواتها في المنطقة العربية، يشكل عدواناً سافراً على شعبنا وقضيته الوطنية، وتعبِّر منظمة التحرير الفلسطينية بالتلاحم مع جميع فصائل حركة التحرير الوطني العربية وقواها وأنظمتها الوطنية والتقدمية عن عزمها على مقاومة سياسة الولايات المتحدة وأهدافها وممارستها في المنطقة.

2. أهمية تحالف المنظمة مع البلدان الاشتراكية، وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي، لأنه يشكل ضرورة وطنية في مجال التصدي للمؤمرات الأمريكية والصهيونية على قضية فلسطين وحركة التحرر الوطني العربية ومنجزاتها.

3. أهمية تعزيز وتدعيم تعاون المنظمة مع دول عدم الانحياز والدول الإسلامية والإفريقية الصديقة المؤيدة للمنظمة ونضال الشعب الفلسطيني.

4. تضامن المنظمة، باعتبارها حركة تحرر وطني، مع حركات التحررالوطني في العالم، على أساس أن النضال ضد الإمبريالية والصهيونية والعنصرية قضية مشتركة لكافة تلك القوى.

5. تمسك المنظمة بالإنحازات التي تحققت للنضال الفلسطيني في الساحة الدولية من اعتراف دولي واسع بمنظمة التحرير الفلسطينية وبحق الشعب الفلسطيني الثابت في وطنه فلسطين والعودة إليه وتقريرمصيره وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، وهي الانجازات التي تجسدت في قرارات الأمم المتحدة المتخذة في عام 1974 حتى اليوم، ولاسيما القرارين 36 32، وتأكيد حق المنظمة بالاشتراك في جميع الاجتماعات والمؤتمرات التي تبحث قضية فلسطين على هذه الأسس، واعتبار أن أي بحث أو اتفاق يتعلق بقضية فلسطين باطل في غيابها من أساسه.

وبعد مناقشات حول تشكيل اللجنة التنفيذية تقرر بقاؤها على حالها، كما قرر المجلس الوطني أن تستمر ولاية المجلس حتى يجتمع في دورته القادمة ويقررما يراه مناسبا في هذا الصدد.