تضم المستوطنات خلف أسوارها العديد من المصانع والمنشآت التي حظيت بدعم ورعاية حكومات الاحتلال المتعاقبة؛ وذلك من خلال رصد الموازنات لإنشاء البنى التحتية، وتقديم التسهيلات، لا سيما الإعفاءات الضريبية، والحوافز المالية؛ وفتح المجال واسعًا أمامها لاستغلال موارد الشعب الفلسطيني ونهب ثرواته؛ فالتقديرات تشير إلى وجود نحو 250 مصنعًا في شتّى مجالات الإنتاج؛ فضلًا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى، من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة؛ فالمستوطنات تنتج أكثر من 146 علامة تجارية في كافة القطاعات الإنتاجية، منها نحو 40 علامة تجارية غذائية، وقرابة 50 علامة تجارية منزلية، ونحو 56 علامة تجارية، لمنتجات وصناعات متنوعة.
وانسجامًا مع الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي، باعتبار جميع مظاهر النشاط الاستيطاني العمراني والاقتصادي والاجتماعي وكل ما يمت له بصلة، غير شرعي وغير قانوني ويشكل تناقضاً مباشراً مع مصالح الشعب الفلسطيني الوطنية، ومعوقاً لإمكانية تحقيق طموحاته بالحرية والاستقلال.
صادق الرئيس محمود عباس في 26 نيسان 2010م على قانون لحظر ومكافحة منتجات وخدمات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، وإحلال المنتجات الوطنية محلها؛ دعماً للاقتصاد الوطني الفلسطيني، ولتوفير فرص تسويقية أفضل للسلع والبضائع الفلسطينية.
وبموجب هذا القرار بقانون، يحظر على أي دائرة حكومية تسجيل أية وكالة تجارية أو علامة تجارية أو اسم تجاري أو أية خدمة أخرى لأي شخص إذا كان موضوعها يتعلق بمنتجات المستوطنات. ويشطب تسجيل أي شخص، وتسجيل أية وكالة تجارية، أو أية علامة تجارية مسجلة في السجل الخاص بها- إذا ارتكب صاحبها أية مخالفة لأحكام هذا القرار بقانون أو تداول منتجات المستوطنات أو استخدم وكالته لتداولها. ويعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالآتي:
1- الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ولا تزيد عن خمس سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن عشرة آلاف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً؛ أو إحدى هاتين العقوبتين- كل من تداول منتجات المستوطنات، وكل من شارك أو ساهم في تداولها، أو ورَد سلعة أو خدمة للمستوطنات.
2- الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ستة أشهر، وغرامة مالية لا تقل عن ألفي دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، أو إحدى هاتين العقوبتين- كل من نقل أي من منتجات المستوطنات أو شارك أو ساهم في نقلها؛ وتسحب الجهات المختصة رخصة السائق وترخيص المركبة مدة لا تقل عن ستة أشهر. وفي حالة التكرار، تسحب رخصة السائق وترخيص المركبة نهائياً، ويتم مصادرة المركبة، التي استخدمت لنقل منتجات المستوطنات، أو استخدمت لتوريد أية سلعة أو خدمة للمستوطنات؛ وذلك وفقاً لأحكام القوانين ذات العلاقة.
3- الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تزيد عن ستة أشهر، وغرامة مالية لا تقل عن ألفي دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً؛ أو إحدى هاتين العقوبتين- كل من خزّن أو أجّر لغايات التخزين منتجات المستوطنات، وبالإضافة إلى إغلاق المحل، لمدة لا تقل عن ستة أشهر. وفي حالة التكرار، يغلق المحل نهائياً.
4- الحبس مدة لا تقل عن شهر، ولا تزيد عن ثلاثة أشهر، وغرامة مالية لا تقل عن خمسمائة دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً؛ أو إحدى هاتين العقوبتين- كل من أخفى معلومات وفقاً للفقرات المذكورة أعلاه. وفي جميع الأحوال، تضاعف العقوبة، في حالة التكرار.
وبالاستناد إلى هذا القرار بقانون؛ تم تأسيس صندوق الكرامة الوطنية، وهو صندوق حكومي، بالتعاون مع القطاع الخاص؛ وذلك لمقاطعة بضائع المستوطنات ودعم المنتج الوطني.
أهم أهداف ومهام الصندوق:
- يعمل تحت إشراف المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك.
- تمويل البرامج والمبادرات الهادفة إلى بناء القدرات الوطنية ذات العلاقة، بجهود وتعزيز ثقة المستهلك الفلسطيني بالمنتج الوطني.
- المساهمة في تمويل برامج جمعيات حماية المستهلك ونشاطاتها المتعلقة بنوعية المستهلك الفلسطيني.
- تمويل الحملات التسويقية والإعلامية والتوعوية ضد التداول بمنتجات المستوطنات، وترغيب المستهلك بالمنتج الوطني.
- يمارس مهامه، على اعتبار أن المصلحة التجارية المباشرة للقطاع الخاص تكمن في خلق قدرة وطاقة استيعابية إضافية في السوق المحلي للمنتج الوطني؛ لسد الفراغ الناجم عن التخلي التدرجي القسري عن منتجات المستوطنات في السوق المحلي.
- تشكيل لجان حماية المستهلك في كافة محافظات الوطن.
- تطبيق القانون الفلسطيني لمكافحة منتجات المستوطنات، وقرار مجلس الوزراء الخاص بمنتجات المستوطنات، وذلك بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
- تفعيل ومساندة كافة اللجان الرقابية التي تعمل في هذا المجال.
- المتابعة والرقابة الحثيثة على منتجات المستوطنات، ومصادرتها، وتحويل تجارها ومروجيها إلى الجهات القانونية والقضائية.
- إعداد النشرات وحملات التوعية والإرشاد للمواطن الفلسطيني، وتعريفه بالسلع المنتجة في المستوطنات وطرق كشف هذه السلع.
- رصد ومتابعة منتجات المستوطنات، وتعريفها بشكل واضح ومحدد ومتابعتها مع الجهات ذات العلاقة.
- إخضاع كافة السلع والمنتجات الإسرائيلية للرقابة النوعية؛ للتأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس الفلسطينية ومصدرها.
وفي هذا الإطار أطلق الصندوق مجموعة من الحملات قامت بتنفيذها "الضابطة الجمركية" وطواقم حماية المستهلك، تمثلت في منع دخول منتجات المستوطنات إلى الأراضي الفلسطينية؛ وانطلقت إلى جانب هذه الحملة حملات توعية استهدفت تعريف المستهلك والتاجر الفلسطيني بمنتجات المستوطنات، من خلال دليل يبين بالصور منتجات المستوطنات المستهدفة. وكان أبرز هذه الحملات: حملة "من بيت لبيت"، وحملة "من محل لمحل"، وحملة "أنت وضميرك"، وحملة "قاوم بغذائك".
وفقًا لبيانات "دائرة حماية المستهلك" في وزارة الاقتصاد الوطني وتقاريرها السنوية، كانت قيمة السلع المصادرة من منتجات المستوطنات الإسرائيلية التي ضبطتها طواقم حماية المستهلك، بالتعاون مع الضابطة الجمركية- على النحو التالي:
السنة |
قيمة السلع المصادرة من منتجات المستوطنات الإسرائيلية (بالشيكل) |
2011 |
1.334.621 |
2012 |
439.706 |
2013 |
1.110.0 |
2015 |
852185 |
2016 |
343079 |
2017 |
462508 |
2018 |
508639 |
2019 |
530711 |
2020 |
495300 |
2021 |
262258 |
2022 |
161500 |
قامت مصانع المستوطنات بعمليات تزوير للعديد من منتجاتها، خاصة الملابس والأحذية وتهريبها إلى الأسواق الفلسطينية على أنها منتجات عالمية؛ للالتفاف على الحملة الوطنية لمكافحة منتجات المستوطنات؛ إضافة إلى استخدام مسميات دينية منها The Holy Land واستخدام شعار قبة الصخرة في تسويق منتجاتها وإيهام المستهلك على أنها إسرائيلية، وهي في حقيقة الأمر من انتاج المستوطنات.
لم تقتصر عملية مقاطعة منتجات المستوطنات على أبناء الشعب الفلسطيني؛ بل حققت تضامنًا دوليًا واسعًا؛ فقد اتخذت عدة دول، من بينها: بريطانيا، والنرويج، ودول أمريكا اللاتينية- قرارات تفرض قيودًا، أو تمنع دخول بضائع المستوطنات الإسرائيلية إلى أسواقها؛ وقد قامت بعض الشركات ومؤسسات المجتمع المدني في أوروبا بمبادرات مهمة في هذا السياق.
وفي 11 تشرين الثاني 2015 أقرت المفوضية الأوروبية بوسم منتوجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية؛ بالإضافة إلى هضبة الجولان، بهدف تمييزها عن غيرها.
ويأتي قرار الاتحاد الأوروبي بمقاطعة منتجات المستوطنات بهدف تعزيز الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 2004، القاضية بضرورة اتخاذ موقف من المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية والقدس والجولان، باعتبارها تشكل خرقًا للمادة 49 من "ميثاق جنيف"، الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.
عددا من الشركات والمصانع الإسرائيلية العاملة في المستوطنات، أغلقت أبوابها بعد تعرضها لخسائر فادحة، واضطرت للانتقال إلى داخل إسرائيل كي تتمكن من تصدير إنتاجها إلى أسواق الدول الأوروبية التي تقاطع منتجات المستوطنات.