أثر مقاطعة منتجات المستوطنات على الاقتصاد الإسرائيلي

تعدّ مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية وسيلة من الوسائل التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية الشعبية ضد الاستيطان، الذي يقضي على آمال السلام وفرص تحقيقه عبر ما يقوم به المستوطنون من أعمال القتل والتدمير والسرقة والإرهاب بحق شعب وادع حرمه الاحتلال من كافة حقوقه ومن أبسط مقومات الحياة.

 ونعني بالمقاطعة، مقاطعة كافة السلع والخدمات التي تنتج كلياً أو جزئياً في المستوطنات، سواء كانت منتجًا صناعيًا أو زراعيًا أو غذائيًا أو تحويليًا؛ مصنّعًا جزئياً أو كلياً، أو مخزنًا أو معبأ داخل أية مستوطنة.

وتعتمد المقاطعة على رصد منتجات المستوطنات وضبطها وإتلافها وحظر تداولها باعتبارها سلعاً غير شرعية تدعم الاستيطان وتطيل أمده، وتطلق العنان لأيدي المستوطنين بالاستمرار في همجيتهم واعتداءاتهم ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم؛ كما تشمل المقاطعة تقديم مروجي هذه المنتجات للمحاكمة أمام القضاء؛ وإحلال المنتجات الوطنية الفلسطينية مكانها.

ويعتمد اقتصاد المستوطنات على الزراعة بأنواعها، والصناعات الخفيفة والمتوسطة، والمنتجات الكيميائية، والأدوية والمبيدات الزراعية، والملابس، وتصنيع الفواكه والخضار، التي كانت تصدر كميات كبيرة منها لأسواقنا المحلية والأسواق الأوروبية والعالمية.

يقدر حجم التصدير الإسرائيلي لأسواقنا بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويًا؛ ويأتي السوق الفلسطيني في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث التسويق للمنتجات الإسرائيلية.

وقد انخفضت نسبة الاستهلاك والشراء الفلسطيني للمنتجات الإسرائيلية بمعدل 35% خلال الشهور الثلاث الأولى لبدء حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في العام 2010 بشكل عام، حسب رئيس الغرفة التجارية الإسرائيلية.  وبحسب الخبراء الإسرائيليين فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيخسر نحو 20 مليار دولار نتيجة المقاطعة الدولية؛ بالإضافة إلى أن نحو 30% من الشركات في إسرائيل ستتضرر أيضاً، بسبب تعاملها مع مستوطنات الضفة الغربية التي يرى المجتمع الدولي أنها غير شرعية.

أثّرت مقاطعة الأسواق الأوروبية لمنتجات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي؛ فقد برز تراجع مجمل صادرات الاستيطان الصناعية والتجارية في 2013 بنحو 14%؛ فيما سجلت المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه تراجعًا بحوالي 50%، بعد أن وصل حجم أرباح الصادرات الزراعية في 2012 إلى حوالي 650 مليون دولار.

ويأتي قرار المقاطعة الأوروبية للمستوطنات، نتيجة حكم المحكمة الدولية في لاهاي في العام 2004، والقاضي بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.

و تضطرّ المقاطعة أصحاب المصانع في المستوطنات إلى إغلاقها؛ أو انتقالها إلى داخل إسرائيل؛ وفي كلتا الحالتين النتيجة في غير صالح السياسة الاستيطانية الإسرائيلية؛ ولعل هذا ما يفسر قلق تل أبيب المتزايد حيال حملات المقاطعة، خصوصًا في أوروبا التي تعتبر من كبار المستوردين لبضائع إسرائيل؛ علمًا بأن صادرات المستوطنات الإسرائيلية  لأوروبا تبلغ قيمتها 220 مليون يورو (294.4 مليون دولار) سنويًا، وهو رقم كبير مقارنة بصادرات الفلسطينيين للأسواق الأوروبية، التي لا تتجاوز 15 مليون يورو (20 مليون دولار) كل عام؛ لذلك سارعت الحكومة الإسرائيلية إلى تخصيص مبلغ مئة مليون شيقل (نحو 30 مليون دولار) للقيام بحملة دعائية مضادة ومناهضة للشركات الأوروبية والأميركية التي تعلن المقاطعة.

 وقد حذر نحو 100 رجل أعمال إسرائيلي رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) من اتساع ظاهرة المقاطعة، وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي؛ فحسب المصادر الإسرائيلية، أدت المقاطعة إلى فصل 10,000 عامل وعاملة من وظائفهم؛ إضافة إلى إغلاق 70 منشأة اقتصادية واقعة المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.

الإجراءات الأوروبية الجديدة التي تفرض وضع علامات المنشأ على صادرات المستوطنات جاءت أيضًا بعد اتفاق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين في اجتماعهم في ديسمبر/كانون الأول 2013 على تفعيل كافة القوانين الأوروبية المتعلقة ببضائع المستوطنات بشكل فعال ودائم.

هذه المقاطعة دفعت إسرائيل إلى:

1-  تسويق بضائع المستوطنات عبر أسماء وطرق مختلفة للتحايل حول منشأ تلك المنتجات، مثل: (التوت الأرضي، الأفوكادو، البطيخ، الموز، التمور، البندروة، النبيذ ... إلخ).

2-  إصدار قرار يقضي بتقديم رزمة من التسهيلات الاقتصادية والتجارية للمنشآت الصناعية والزراعية المقامة داخل المستوطنات؛ في محاولة للتقليل من تأثير المقاطعة.

وتشير التقديرات إلى وجود نحو 250 مصنعًا داخل المستوطنات في شتّى مجالات الإنتاج؛ فضلا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة؛ فالمستوطنات تنتج أكثر من 146 علامة تجارية في كافة القطاعات الإنتاجية؛ منها نحو 40 علامة تجارية غذائية، وقرابة 50 علامة تجارية منزلية، ونحو56 علامة تجارية، لمنتجات وصناعات متنوعة.