النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية في ظل انتفاضة الأقصى

تعد وزارة الحكم المحلي الفلسطينية الجهة الرئيسية التي تنسق لإدارة النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهي بالتالي المسؤولة عن وظائف السلطات المحلية ذات الصلة بهذا الجانب، وتقع تحت إشرافها أيضا مجالس النفايات الصلبة المناطقية المسؤولة عن إقامة منشآت النفايات الصلبة. أما وزارة التخطيط والتعاون الدولي فهي مسئولة عن عملية التخطيط الشامل وتجنيد التمويل اللازم، بينمايقع على عاتق سلطة جودة البيئة مسؤولية ترخيص مواقع النفايات، والمراقبة البيئية، وتوفير الخبرات اللازمة وضمان الحفاظ على البيئة. لكن، وبسبب الإجراءات والقيود الأمنية الصهيونية المتمثلة أساسا في الإغلاقات ومنع التجول؛ فإن المسؤوليات المركزية السابقة لا تنفذ أو أنها غير فعالة إلى حد كبير.

وتقع تحت مسؤولية السلطات المحلية، كل العمليات والمتابعات اليومية المتعلقة بالنفايات الصلبة، مثل جمع تلك النفايات، ونقلها والتخلص منها وتشغيل وصيانة المنشآت. والسلطات المحلية هنا، تعني المجالس البلدية في المدن والبلدات الكبيرة، والمجالس القروية في القرى، والتي تلعب دورا أساسيا بالتنسيق مع سلطات المحافظات.

منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، لم تتمكن طواقم الصيانة البلدية من الوصول إلى مكبات النفايات الصلبة بشكل متواصل وبانتظام، وذلك؛ بسبب منع التجول والإغلاقات، ولاعتبارات تتعلق بالأمن أو بسلامة العمال. كما إن الإجراءات الأمنية الصهيونية حالت دون الحصول على قطع غيار.

أما فيما يتعلق بمخيمات اللاجئين؛ فإن جمع معظم النفايات الصلبة ونقلها تنفذة وكالة الغوث (الأونروا) التي تستخدم معداتها الخاصة، وتعمل وفقا لأنظمتها الإدارية، إلا أنها بشكل عام تستعمل مكبات النفايات التابعة للسلطات المحلية.

وقد تم في السنوات الأخيرة، تأسيس بضعة مجالس مناطقية لإدارة النفايات الصلبة مثلا في شمال ووسط قطاع غزة، بيت لحم، الخليل وجنين، بحيث يضم المجلس الواحد كل البلديات والقرى والتجمعات الريفية في منطقة معينة. وتركز اهتمام هذه المجالس بشكل أساسي على بلورة مقترحات للحلول المتعلقة بإدارة النفايات في مناطقها.

أنواع النفايات الصلبة وإنتاجها

تشير الدراسات والتقديرات المحلية إلى إن النفايات المنزلية تشكل نحو 45 - 50% من إجمالي النفايات الصلبة. بينما تشكل نفايات قطاعي الصناعة والإنشاءات نحو 20 - 25%، أما المنشآت التجارية فتولد نحو 25- 30% من إجمالي النفايات.

وقد تتوافر النفايات الخطرة إجمالا، في كل النفايات من مختلف القطاعات السابقة، إلا أن النفايات الصناعية والطبية تحوي أكبر مكون من المواد الخطرة. وعمليا لا توجد عملية فصل للنفايات الخطرة عدا بعض المعالجات المحدود للنفايات المعدية كما في مدن أريحا، نابلس، وخانيونس وغزة. وفي الأخيرة يتم التخلص من الأدوية القديمة بشكل منفصل .

وبشكل عام، تختلط النفايات الخطرة مع النفايات الصلبة للبلديات، وذلك أثناء جمعها والتخلص منها، علماً بأن المعلومات المتوفرة حول كميات النفايات الخطرة قليلة.

وقد تضمنت بعض الدراسات التي أجريت خلال العقد الأخير في الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967، بعض التقديرات المهنية حول تركيب وإنتاج النفايات الصلبة، وأشارت تلك الدراسات إلى إن مستويات إنتاج النفايات الصلبة هي كما يلي:

في مخيمات اللاجئين بين 0.5 - 0.8 كغم للفرد يومياً، وفي المناطق الريفية 0.4 - 0.6 كغم للفرد يومياً، وفي المدن نحو 0.9 - 1.2 كغم للفرد يومياً.

ومن الصعب الحصول على معلومات كافية حول التركيبة السكانية لأغراض حساب المستويات الكلية لإنتاج النفايات الصلبة. ومع ذلك يقدر إجمالي الإنتاج السنوي من النفايات الصلبة في قطاع غزة بأكثر من 300000 طن، بينما يبلغ الإنتاج السنوي في الضفة الغربية نحو 550000 طن.

تركيب النفايات الصلبة

تشير الأرقام التفصيلية للدراسات والمسوح التي أجريت قبل أيلول 2000 إلى أن تركيب النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 هي كما يلي:

 مواد عضوية: بين 60 - 70%، ورق كرتون: بين 7- 10%، بلاستيك: بين 5- 10%، زجاج: بين 3 - 6%، معادن: بين 2- 3%، ونفايات أخرى: بين 3- 7%، وهنا يلاحظ المحتوى العضوي المرتفع للمواد العضوية.

الأنظمة القائمة والحالة الفنية

 يستند نظام جمع النفايات في المدن إلى ثلاثة أنظمة:

أولا: شاحنات ضاغطة للنفايات، وحاويات فولاذية بسعة 800 - 1000 لتر، وخاصة في مراكز المدن.

ثانيا: حاويات أكبر من السابقة للأحياء بسعة 5- 6أمتار مكعبة، ويتم جمعها بواسطة شاحنات جمع أو رفع.

ثالثا: حاويات فولاذية بسعة 800 - 1000 لتر، ويتم تفريغها بواسطة شاحنات رافعة وقلابة.

 ولا توجد حاليا في المدن عملية جمع من أمام المنازل (من بابا إلى باب). إلا انه في القرى والتجمعات السكانية الصغيرة إجمالا، يتم  جمع النفايات يدويا من أمام المنازل؛ حيث يتم إلقاؤها في شاحنات نقل.

وخلال بضع سنوات، زود الممولون البلديات بجزء كبير من شاحنات النفايات، وبسبب ذلك تختلف طرز سيارات الجمع، والمعدات؛ الأمر الذي يتسبب في بعض المصاعب من ناحية الصيانة. ومع ذلك يبدو أن أوعية جمع النفايات (الحاويات والصناديق) أصبحت موحدة المقاييس، بحيث يتاح لمعظم الشاحنات أن تجمع النفايات من الحاويات المتنوعة المستخدمة.

أما في مخيمات اللاجئين، فتستخدم وكالة الغوث (الأونروا) حاويات فولاذية بسعة 800 - 1000 لتر، والحاويات المستخدمة في الأحياء بسعة 5- 6 أمتار مكعبة، يتم جمع النفايات منها بواسطة الشاحنات.

قطاع غزة

قبل انتفاضة الأقصى تمتع نحو 95% من السكان في قطاع غزة بنظام جمع النفايات، إلا أن إغلاق الطرق ومنع التجول واستخدام طرق بديلة وطويلة للوصول إلى المواقع المعنية؛ أدى إلى زيادة مسافات النقل والتكاليف التشغيلية.

توجد حالياً ثلاث مكبات للنفايات في قطاع غزة، واحد في كل من جنوب وسط وشمال غزة على التوالي.

وقد أنشئت هذه المكبات بتمويل خارجي، وهي تشمل أبنية أساسية ومعدات أولية، بما في ذلك جسور التوزين لقياس أوزان الشاحنات. وحسب سلطة جودة البيئة؛ تقع المكبات في جنوب وشمال غزة على أرضية غير نفاذة للسوائل، وفي خارج منطقة إعادة التغذية للخزان الجوفي الساحلي؛ وبالتالي لا يوجد بهما بطانات أو أنظمة لجمع العصارة الملوثة الناتجة في موقع طمر النفايات. أما مكب النفايات في وسط غزة فيحوي بطانة ونظام لجمع العصارة الملوثة ومعالجتها. ووفقا لمصادر السلطة الفلسطينية، فقد تم اختيار كل مواقع النفايات بعد إجراء الدراسات المناسبة.

وقد أقيمت منشآت كومبوست "تجريبية" لتبديل أو تحليل المخلفات العضوية) مرتبطة بمكب النفايات في وسط وشمال القطاع، إلا أن أيا منها لا يعمل حاليا، وفي منشاة مدينة غزة تحطم الغطاء بفعل النيران الصهيونية. بينما بقي المبنى والأرضية المرصوفة، يمثل خطرا على سلامة العمال.

ويشار هنا إلى إن موقعاً خاصاً للتخلص من أو تخزين النفايات الخطرة، أنشئ في مكب نفايات مدينة غزة.

الضفة الغربية

قبل أيلول 2000، ارتبط نحو 67% من السكان في الضفة الغربية بنظام بلدي لجمع النفايات الصلبة، لم تكن في الضفة مكبات مرضية عاملة أو تحت الإنشاء، علما إن بعضا من بين 80 - 100 مكب عامل، كمكب البيرة، تم تحديد مواقعها بشكل مناسب، إلا إنها تفقر إلى البنية التحتية المناسبة.

 ومنذ شهر ديسمبر 2000 منع الاحتلال الفلسطينيين من استعمال مكب البيرة؛ ما دفع بلدية رام الله إلى إعادة فتح مكب نفاياتها المهجور والمحمل فوق طاقته. وبالرغم من ذلك، فان العديد من مكبات النفايات الفلسطينية التي منع الفلسطينيون من استخدامها، يستعملها المستوطنون الصهاينة لإلقاء نفاياتهم. والجدير بالذكر أن مكبا بلدياً للنفايات الصلبة يستخدم قرب نابلس.

وفي مخيمات اللاجئين تستخدم وكالة الغوث (الأونروا) حاويات فولاذية بسعة 800 - 1000 لتر يتم تفريغها بواسطة شاحنات رافعة وقلابة.

الظروف التشغيلية والمشاكل

يمكن تلخيص أهم المشاكل بإدارة النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما يلي:

أولاً: تعطيل الطرق الطبيعية لنقل النفايات الصلبة؛ بسبب انتشار الحواجز العسكرية المغلقة أمام السيارات الفلسطينية.

ثانياُ: تعذر الوصول إلى مواقع طمر النفايات؛ لنفس الأسباب السابقة.

ثالثا: تعذر الحصول على معدات الصيانة وقطع الغيار؛ بسبب التأخيرات وصعوبات النقل الناتجة عن إغلاق الطرق ومنع التجول والإغلاقات المتكررة والقيود المفروضة على الاستيراد.

رابعا: الزيادة الهائلة في النفايات، والناتجة عن عمليات التدمير الصهيونية للمباني والمنشآت والبنى التحتية.

خامساً: الحرق المكشوف للنفايات بسبب الأوضاع الحالية.

سادسا: نشوء مكبات نفايات طارئة في إطار مناطق المدن، وما يترتب على ذلك من آثار بيئية وصحية.

سابعاً: زيارة التكاليف التشغيلية؛ وبالتالي تفاقم الأعباء المالية على البلديات التي هبطت مداخلها هبوطا حادا منذ أيلول 2002.

بشكل عام وبالرغم من الظروف الصعبة، يبدو أن الدوائر البلدية الخاصة بالنفايات الصلبة تعمل بشكل جيد. ولدى مراجعة عدد شاحنات جمع النفايات المتوفر وكميات النفايات الناتجة في بعض المناطق؛ يبدو إن هناك مجالا لاستخدام المعدات بفعالية أكبر، وخاصة من خلال إطالة فترة استعمالها اليومي.

وإجمالا، لم تتضرر شاحنات جمع النفايات بشكل مباشر خلال الانتفاضة، مع أن نظام أوعية جمع النفايات قد دمر جزئيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وقد تضمنت دراسة مسحية للأضرار الناجمة عن العدوان الصهيوني نفذت في الفترة الواقعة بين آذار وأيار 2002، قائمة بالأضرار المصرح بها والمتعلقة بنظام النفايات الصلبة في مختلف المناطق، فضلا عن التكاليف اللازمة لإعادة هذا النظام إلى سابق عهده قبل أيلول 2000.

وفي ظل الأوضاع الحالية، حيث القيود الصهيونية الصارمة مفروضة على الحركة؛ يصبح من المستحيل  الوصول إلى شبكات المكبات التي كانت عاملة قبل أيلول 2000؛ الأمر الذي دفع العديد من البلديات إلى إقامة مكبات طارئة قريبة من مواقع جمع النفايات، ناهيك عن اضطرار بلديات أخرى إلى استخدام طرق بديلة سيئة أو وعرة وغير معبدة لنقل النفايات؛ مما تسبب في تآكل سريع للسيارات.

وأثناء الاغلاقات المشددة أو منع التجول؛ يتعذر نهائيا التخلص من النفايات الصلبة في المكبات المعتادة فيتم إلقاؤها مؤقتا بشكل عشوائي في داخل المدن والبلدات. ومع ارتفاع درجات الحرارة في أشهر الصيف، تتعفن النفايات وتزداد المخاطر البيئية والصحية، فضلا عن الروائح الكريهة. ولتقليل حجم النفايات أو لتقليص أكوام النفايات المتعفنة يلجأ المواطنون إلى حرقها في داخل المدن، مما يتسبب في مخاطر بيئية وصحية جدية.

كما إن الاغلاقات ومنع التجول حالت دون الحصول على المنتجات اللازمة لمكافحة الآفات والحشرات الناتجة عن تراكم النفايات في داخل المدن. وقد أشار موظفو بلدية جنين بأنهم وجدوا صعوبة بالغة في مكافحة الحشرات الناتجة عن تراكم النفايات.

أما في قطاع غزة فيمكن القول مبدئيا إن مواقع مكبات النفايات الثلاث الأخيرة جيدة، إلا إنها قريبة من الحدود مع إسرائيل؛ الأمر الذي يسبب مشاكل أمنية ويصعب الوصول إليها، سواء لدى نقل النفايات أو تشغيل المكبات. وفي بعض الأماكن أدى هذا الوضع الى إقامة مكبات طارئة مؤقتة قريبة من مواقع جمع النفايات، بالإضافة الى ذلك الحرق المكشوف والمتواصل للنفايات مخاطر بيئية وصحية خطيرة.

ومن المعروف إن الحرق المكشوف للنفايات يطلق مركبات الديوكسين والفيورون السامة. وخاصة إذا احتوت النفايات على مواد بلاستيكية، وتعد هذه المركبات من الملوثات البيئية البارزة، وهي شديدة السمية ومسرطنة، وتتسبب تشوهات جينية، فضلا عن أن ضررها على البيئة طويل الأمد. وتحديدا على الهواء والتربة والمياه الجوفية، وطالما تذمر السكان القاطنون من هذه المواقع حيث سعى بعضهم إلى إلغائها كليا، الأمر الذي فاقم مشاكل نقص الأراضي لاستيعاب النفايات.

لقد كانت طريقة الحرق المكشوف للنفايات الصلبة شائعة جداً في الضفة والقطاع، علما أن سلطة جودة البيئة والجهات المهتمة بإدارة النفايات الصلبة بذلك قبل أيلول عام 2000 بذلت جهوداً كبيرة للسيطرة على هذه الظاهرة، وتنتشر حاليا هذه الممارسة الخاطئة في معظم أنحاء الضفة والقطاع.

وبالرغم من أن معظم شاحنات وورشات الإصلاح البلدية بقيت سليمة، إلا أنه وبسبب استخدام الطرقات البديلة السيئة، فإن اهتلاك المعدات البلدية سريع. كما أن الاحتلال دمر نظام أوعية جمع النفايات تدميراً جزئياً. ولو أضفنا إلى ذلك، نقص قطع الغيار بسبب القيود المفروضة على الاستيراد، نجد أن مشاكل القدرة الاستيعابية لنظام جمع النفايات تزداد باطراد، كما إن معظم البلديات تعاني من مشاكل حادة في التشغيل والصيانة. ناهيك أن نقص التمويل يعد مشكلة جدية بالنسبة لبعض المجالس البلدية، علاوة على ذلك، استخدم الموقع الوحيد في قطاع غزة الخاص بتخزين النفايات الخطرة، لدفن كميات قليلة من الأدوية القديمة فقط.

وبسبب الأوضاع الحالية في غزة، فقد تم تأجيل إنشاء نظام منفصل لمعالجة النفايات الخطرة، حيث إن الجهات البلدية المسئولة عن النفايات الصلبة منهمكة في إيجاد الحلول اليومية للجزء الأكبر من النفايات المتدفقة. وينسحب نفس الأمر على مشاريع الكمبوست التجريبية في شمال ووسط قطاع غزة، والتي لا تعمل حاليا.

الجدير بالذكر أن الضفة الغربية، ومنذ ما قبل أيلول 2000، افتقرت إلى مكبات نفايات بمواصفات مرضية، الأمر الذي يعرض المياه الجوفية إلى التلوث؛ لذا لابد أن تكون عملية تأهيل نظام مكبات النفايات بشكل أولي ومؤقت، من المهام الملحة والعاجلة.

وأرغمت مدن وتجمعات سكانية كثيرة على استعمال مواقع للتخلص من النفايات، مؤقتة وطارئة وقريبة من نقاط جمع النفايات، حيث بلغ عدد مثل هذه المواقع الطارئة أكثر من 200 موقع، ويقع العديد من هذه المواقع الطارئة في أماكن تتسبب في مشاكل وآثار سلبية غير ضرورية، مثل قمم التلال، ولو تم نقل هذه المواقع إلى أماكن أخرى تبعد عنها مسافات صغيرة فقط مثل الوديان أو المنخفضات القريبة، فسيطرأ عندها تحسن جوهري على المنطقة المعنية، ومن الواضح أنه لغاية الآن، لم تجر، فلسطينياً عملية تقييم مناسبة للأثر البيئي المتعلق بمشكلة النفايات الصلبة.

الآثار البيئية

من المؤكد أن الصراع الفلسطيني- الصهيوني المتجذر وممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين قد تركا آثاراً خطيرة على البيئة الفلسطينية بشكل عام.

  ويمكننا عرض أهم هذه الآثار في الضفة الغربية، على النحو التالي: 

أولاً: تراكم النفايات الصلبة البلدية؛ بسبب القيود الصهيونية المفروضة على المواطنين الفلسطينيين؛ الأمر الذي يولد مشاكل صحية وبيئية.

ثانياً: منع عاملي السلطات المحلية من الوصول إلى مكبات النفايات؛ أدى إلى استعمال مواقع طارئة وعشوائية، بجوار المدن والقرى أو في داخلها؛ الأمر الذي تسبب في انبعاث الملوثات إلى الهواء والمياه، فضلا عن المخاطر الصحية الكامنة.

ثالثاً: انتشار ممارسة الحرق المكشوف للنفايات يولد مزيداً من المخاطر الصحية والبيئية.

رابعاً: اختلاط النفايات الخطرة والمسببة للأمراض مع النفايات الصلبة البلدية والتعامل معهما ككتلة واحدة، يتسبب أيضاً في مخاطر صحية وبيئية جدية.

خامساً: نشوء كميات كبيرة من أنقاض المنشآت، والناجمة عن تدمير الصهاينة للمنازل والمباني العامة والبنية التحتية.

سادساً: تسبب الاجتياحات الصهيونية المتتالية في تدمير عدد كبير من المركبات والسيارات والشاحنات؛ الأمر الذي راكم كميات ضخمة من هذا النوع من النفايات.

سابعاً: تراكم أنواع مختلفة من النفايات العسكرية الصهيونية والناتجة عن استخدام الرصاص، القنابل، المتفجرات، الغاز المسيل للدموع، الصواريخ وأنواع أخرى من الذخيرة.

أما في قطاع غزة فتتلخص أهم الآثار بما يلي:

أولاً: تسبب الحرق المكشوف للنفايات في انبعاث الملوثات إلى الهواء، وذلك في المواقع الطارئة والثابتة. بالإضافة على الآثار السلبية على التربة ومصادر المياه الجوفية. وما يزيد من خطورة الوضع، الكثافة السكانية العالية جدا في القطاع.

ثانياً: الآثار السلبية المحلية الناتجة عن المكبات الطارئة الصغيرة والقريبة من المناطق السكنية.

ثالثاً: الآثار السلبية المحلية الناشئة عن عدم جمع النفايات؛ بسبب عدم كفاية المعدات المتاحة أو نتيجة فرض منع التجول والقيود المشددة في فترات معينة.

وينطبق ما ذكر أيضاً على الضفة الغربية، ومن الآثار السلبية الإضافية تلوث المياه الجوفية، حيث أن العديد من المكبات الحالية يقع على أرض نفّاذه وفي مناطق تغذية الخزانات الجوفية الرئيسية، وبما أنه لا يوجد حالياً في الضفة الغربية مكبات مناسبة جاهزة للعمل؛ فإنه يتوقع أن تتواصل في المستقبل الكثير من الآثار البيئية السلبية.

تدوير النفايات الصلبة

تعد عملية تقليص النفايات الناتجة وتشجيع ممارسات إعادة الاستعمال والتدوير وإصلاح الأشياء، من الأولويات الرئيسية لعملية إدارة النفايات الصلبة البلدية، وتعد عملية تقليص النفايات عملا تربويا وتوعويا لا بد من تشجيعه في مختلف المجتمعات.

 وحاليا، بل ومنذ ما قبل أيلول 2000، لم تتوفر في الضفة والقطاع سوى القليل جداً من الحوافز المشجعة على عملية التدوير تستثنى من ذلك بعض مكونات النفايات التي تحوي قيمة صافية كامنة من خلال عملية تدويرها، كما أن الغياب شبه الكامل لجباية الرسوم على النفايات يحول دون الاستفادة من أكثر سبب منطقي شائع لعملية التدوير، أي التوفير في تكاليف التخلص من النفايات.

وحيث أن الضفة والقطاع يعدان نسبيا، مجتمعاً صغيرا، والقطاع الصناعي فيهما صغير، فإن طاقة التدوير المحلية الكامنة في العمليات الصناعية، محدودة، وسيبقى هذا الوضع -على الأرجح- في المستقبل القريب والمتوسط.

قد يكون الدافع الأساسي لعملية التدوير تقليص التلوث البيئي، تقليص حجم النفايات، استخدام أو استبدال تجاري للمواد الخام.وربما على سبيل المثال، أفضل طريقة للبدء في عملية التدوير في الضفة والقطاع، هي التعامل مع المكونات المتضمنة قيمة صافية (المعادن)، أو تلك التي تلبي الطلب المحلي (الزيوت/ الكمبوست)، أو أنها تتفق مع القدرة على المعالجة المحلية (المعادن والزجاج).

ويتمثل أحد المداخل قليل التكلفة، في التركيز على برامج تطوعية، تعتمد على الحوافز والتربية، وهذا قد يصل بمعدل التدوير إلى 10-12% ولإنجاز أكثر من ذلك؛ لا بد من خطط إلزامية وتكاليف أعلى. وقد تكون هذه الإجراءات قابلة للتطبيق في الضفة والقطاع على المدى الطويل.

لقد نفذت سابقاً بعض نشاطات التدوير في الضفة والقطاع وخاصة في القطاع الخاص، حيث تم التركيز على المعادن والزجاج والورق، وقد تم معالجة المعادن والزجاج في نابلس والخليل على التوالي بينما تم تحويل مكونات أخرى إلى الإسرائيليين، كما تم تدوير حطام السيارات في نابلس.

الجدير بالذكر أن في "إسرائيل" صناعة تدوير واسعة، نسبياً، حيث تم في عام 2001 نحو 1100000 طن. وهذا يساوي معدل تدوير بمقدار حوالي 16%، وتوجد حالياً إمكانيات معينة مجدية مالياً لتصدير بعض المكونات إلى تركيا(مثل الكرتون، الورق ذات الجودة العالية وغيره)، كما يوجد في مصر أيضاً نشاط واسع جدا لإعادة التدوير، وبالتالي. قد تكون مصر خياراً آخر للتصدير.

ولدى اقتراح إجراءات مستقبلية، لابد من أخذ الظروف المذكورة سابقاً بالاعتبار. وكخطوة أولي، يمكن إنجاز معدل تدوير منخفض، مثلاً 5%، ومن ثم زيارته إلى 10% في المدى المتوسط، وصولاً إلى 25% في المدى البعيد كما أن عملية التدبيل (composting) التي تتطلب تقنية بسيطة، يمكنها أن تزيد كثيرا معدل التدوير.

المعالجة الصحية والبيئية للنفايات الصلبة البلدية

يمكننا تلخيص بعض الخيارات للتخلص من النفايات ومعالجتها بما يلي:

أولاً: عملية الترميد (incineration) وهي طريقة لحرق النفايات الصلبة لتقليل حجمها إلى أقل قدر ممكن (يبقى بعد الحرق 8 إلى 15% من الحجم الأصلي) والتخلص من جراثيم الأمراض والاستفادة من الطاقة الحرارية الكامنة في النفايات في توليد الطاقة الكهربائية أو التدفئة المركزية للمدن. وينتج عن هذه العملية ملوثات هوائية، كما أن تكلفتها مرتفعة.

ثانياً: تدبيل المواد العضوية (composting) وهي عملية تحليل المخلفات العضوية هوائياً تحت ظروف مثالية، بحيث يتم الحصول على مواد عضوية محسنة للتربة خفيفة الوزن داكنة اللون. ومن خلال هذه العملية يتم الاستفادة من المواد العضوية في النفايات، والحد من كمية النفايات في إدارة النفايات الصلبة.

ثالثاً: الطمر الصحي للنفايات (sanitary land filling) وتعد هذه الطريقة مكملة لجميع طرق معالجة النفايات الصلبة وهي عبارة عن حفرة تعتمد سعتها على طبيعة المنطقة وكمية النفايات المتوقعة ويراعي في ذلك العديد من الشروط مثل البعد عن مصادر المياه الجوفية والسطحية والتجمعات السكانية واتجاه الرياح السائد، وغير ذلك.

ويتم عزل الحفرة بطبقة عازلة (غالباً البلاستيك) لحماية المياه الجوفية من العصارة، كما تجهز القاعدة بشبكة لصرف العصارة، وشبكة لجمع غاز الميثان الناتج عن تحلل المواد العضوية الموجودة في النفايات، بعد ذلك توزع النفايات على قاعدة الحفرة، وترص بنوع خاص من المداحل، وبعد الانتهاء من عملية رص النفايات، وعندما يصبح ارتفاعها بعد عملية الضغط من 30-40 سم يوضع فوقها طبقة من نفايات الإنشارات أو تربة بسمك نحو 30 سم ويتم رصها على النفايات المضغوطة، وعلى هذه الطبقة توضع طبقة ثانية من النفايات تعالج بنفس الطريقة وهكذا، حتى يصل ارتفاع الموقع إلى 30-40 م ثم يزرع بالأشجار الحرجية.

ولابد من التأكيد هنا على أن أي نظام لإدارة النفايات الصلبة البلدية يجب أن يحوي، في كل الأحوال، مكباً للكميات المتبقية من النفايات الصلبة المتدفقة، علاوة عن أن نشاطات التدوير يجب أن تكون مكملة وليست منافسة للطرق الأخرى في التخلص من النفايات ومعالجتها في الظروف العادية، يعد الطمر الصحي الأسلوب الأقل تكلفة للتخلص من النفايات، ومن ثم يأتي الكمبوست ذات التقنية المنخفضة، أما الترميد فيعد الأكثر كلفة.

وفي حال إنشاء مكبات جديدة، يفضل الالتزام بمعايير التصميم التالية:

أولاً: يفضل أن يكون الحد الأدنى لعمر المكب العملي 20 سنة، مع حد مطلق 10 سنوات.

ثانياً: يجب سد الموقع ببطانة من التربة الطبيعية بسمك حد أدنى 0.5م، ونفاذية لا تزيد عن 10 سم، في الثانية، أو بواسطة غشاء اصطناعي من البولي اثيلين ذات الكثافة العالية (HDPE) أو بمواصفات مشابهة.

ثالثاً: يجب أن يكون في أعلى البطانة طبقة لصرف السوائل بسمك حد أدنى 0.3م.

رابعاً: يجب أن يتضمن الموقع البنية التحتية والمنشات التالية: بوابة مع حراسة، سياج محيط بالمكب، جسر توزين، طريق سهلة للوصول إلى الموقع في مختلف الأحوال الجوية مع أرضية صلبة، جمع العصارة، نظام للتخلص من النفايات ومعالجتها، سطح للجريان أو قطع الانسياب، نظام جمع وصرف، نظام لجمع الغاز الطبيعي وجرفه، منشات لاستخدام الغاز الناتج إذا ما كانت العملية مجدية اقتصادياً ورشة إصلاح، مختبر ومباني للتخزين مع المعدات اللازمة، مباني للإدارة وطاقم العاملين، والمعدات العاملة التالية كحد أدنى: مكبس نفايات صلبة واحدة (20-40 طن، حسب حجم المكب)، بالإضافة إلى مكبس احتياطي لأوقات حمولة الذروة في المواقع الأكبر.

خامساً: إتباع ممارسات وإجراءات روتينية نموذجية في الموقع، بما في ذلك التطوير المخطط، غطاء متكرر، إلخ.

سادساً: برامج شاملة للمراقبة والمتابعة والتحسين.

سابعا: ترتيبات قانونية وإدارية ومؤسساتية لمتابعة تنفيذ النشاطات المختلفة.

--------------------------------------------------------------------------

التنمية والبيئة، ملحق لصحيفة الأيام الصادرة في رام الله بتاريخ 2/11/200