الرياضة المدرسية في فلسطين

عرفت فلسطين الرياضة المدرسية منذ نشأة المدارس فيها في العهد العثماني؛ ولعبت بعض الإرساليات التبشرية الأجنبية الوافدة إلى فلسطين دورًا فاعلًا في بناء هذه المدارس، ومنها مدرسة المطران (1899م) ومدرسة الفرندز(1890) في رام الله؛ ومدرسة الساليزيان (1891) في بيت لحم، والتي اهتمت بدورها بالتربية البدنية؛ فكانت ضمن المنهاج المدرسي، وتشير المصادر التاريخية إلى أن أول فريق فلسطيني لكرة القدم تشكل في مدرسة الروضة في مدينة القدس عام 1908م.

بدأت الرياضة المدرسية بالانتشار في عهد الانتداب البريطاني؛ وعلى وجه الخصوص في أوائل العشرينيات، من خلال المهرجانات السنوية التي أخذت تنظمها المدارس في كافة أنحاء فلسطين. وكانت اللقاءات المدرسية الودية تجرى ضمن بطولات تنظمها دائرة المعارف للمدارس الحكومية، ودائرة الاوقاف في عدة العاب أبرزها: كرة القدم، وكرة السلة، والجري لمسافات معينة، القفز، ورمي القرص، شد الحبل؛ لكن بقيت الرياضة المدرسية تعاني انخفاض الاهتمام مقارنة بمواد التدريس الأخرى، وغياب الأشراف والميزانيات، والتحكم بها من قبل سلطات الانتداب في محاولة لتفريغها من محتواها القومي والوطني؛ وكانت أبرز الفرق المدرسية في ذلك الوقت: الفرير، وروضة المعارف، والرشيدية في القدس؛ والفرندز في رام الله؛ و الأميرية في بيت لحم؛ ودار العلوم والنهضة والفرير والأرمن في يافا؛ والنجاح في نابلس؛ وافرير والأسقفية في حيفا؛ والناصرة الثانوية في الناصرة.

اقتصرت الرياضة المدرسية في ظل الاحتلال الإسرائيلي على أنشطة هزيلة، مع غياب البنى التحتية اللازمة، وضعف الكادر بتعيين معلمين غير متخصين لإعطاء حصص الرياضة؛ الأمر الذي أصاب الرياضة المدرسية والرياضة الفلسطينية بشكل عام بانتكاسة حقيقية، وجاء ذلك في إطار سياسة مبرمجة لاستهداف الشباب الفلسطيني وإلحاق الأذى بالمؤسسات الفلسطينية. 

انتعشت الرياضة المدرسية في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية في زمن قصير، وأصبحت جزءًا من منظومة الرياضة الوطنية الفلسطينية؛ بل شكلت بنيتها الأساسية وخزانها الرئيسي الذي يرفدها بالمواهب؛ ويظهر ذلك بالنظر إلى قوائم اللاعبين في المنتخبات والأندية الرياضية الفلسطينية، لنشاهد بأن معظمهم كان لهم ابداعاتهم في مدارسهم قبل ولوجهم إلى هذه المنتخبات والأندية، والتي بدورها تعمل على صقل هذه المواهب والإرتقاء بمستوها.

فالرياضة المدرسية تعمل على تنمية اللياقة البدنية للطالب وتلعب الرياضة المدرسية دورًا بارزًا وفعالًا في إثراء الجانب التعليمي، وبناء شخصية الطالب من خلال تنمية قدراته ومواهبه الرياضية؛ بالإضافة إلى تنمية الصفات الخلقية الحميدة كالتعاون والمحبة وحب الوطن والإخلاص والروح الرياضية.

وللارتقاء بمستوى الرياضة المدرسية التي تعد القاعدة الأساسية للهرم الرياضي الفلسطيني؛ تعمل وزارة التربية والتعليم في دولة فلسطين جاهدة على بناء قدرات معلمي التربية البدنية والمشرفين الرياضيين في المدارس، بما ينعكس على تطوير قدرات الطلبة ومهاراتهم وسلوكهم؛ إضافة لزيادة التبادلات الرياضية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وتحسين نوعية البنية التحتية الرياضية في المدارس الفلسطينية وزيادة استخدام الأدوات الرياضية البديلة في تنفيذ أنشطة التربية البدنية والرياضية، وتحديث السياسات التربوية المطبقة في هذا الحقل، بما يشمل تطوير المناهج الرياضية والإثرائية. وانسجاما مع هذا التوجه ولتفعيل الرياضة المدرسية؛ تم تشكيل (الاتحاد الفلسطيني للرياضة المدرسية).