خطابات الرئيس محمود عباس بخصوص الحرب على غزة، تموز 2014

خطاب الرئيس محمود عباس أمام مؤتمر المانحين لإعادة إعمار غزة، القاهرة 12/10/2014

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي،

رئيس جمهورية مصر العربية

معالي السيد بورج بريندة، وزير خارجية النرويج

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

أتوجه بداية بجزيل الشكر والتقدير لرئاسة هذا المؤتمر، والدول الراعية له، ولجميع الدول والمنظمات المشاركة معنا اليوم، والتي لبت الدعوة لإظهار مؤازرتها ونبل مقصدها، بتقديم الدعم لعملية إعادة إعمار قطاع غزة، وأتوجه بتحية خاصة لجمهورية مصر العربية، ولفخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي، على مواقفه القومية، وجهوده القيمة تجاه فلسطين، وبخاصة الجهد الكبير الذي بذلته مصر لتحقيق التهدئة، والعمل من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وفق مبادرتها، وكذلك على توجيهاته الكريمة لاستضافة هذا المؤتمر على أرض مصر الكنانة، والذي يأتي استمراراً للدور الريادي الهام للشقيقة مصر في دعم شعبنا والاهتمام بقضيته العادلة.

كما أتقدم بالشكر الجزيل لمملكة النرويج، التي تفضلت بالاستجابة لطلبنا بعقد هذا المؤتمر، بصفتها الدولة الراعية لمؤتمر المانحين منذ عام 1993 وحتى الآن، ولا سيما بعد ما لحق بقطاع غزة من كارثة إنسانية ومن دمار وتشريد، طالت معظم مساكنه وبنيته التحتية ومرافقه ومؤسساته وسكانه، الأمر الذي يحتاج إلى تدخل عاجل وموارد كبيرة، لإعادة بنائه وإعماره، واستعادة أبناء شعبنا هناك حياتهم وكرامتهم.

فخامة الرئيس،

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

كم كنت أتمنى أن نكون في غنىً عن عقد هذا المؤتمر للمرة الثانية، لو أن عملية السلام التي بنيت على اتفاقيات أوسلو الموقعة منذ أكثر من عشرين عاماً قد نجحت، ولو أن مبادرة السلام العربية قد تم تطبيقها، ولو أن رؤية حل الدولتين قد تم احترامها، إلا أن أياً من هذا لم يحدث، رغم المحاولات الحثيثة للرباعية الدولية، والإدارات المتعاقبة للولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي، وذلك لأن الاحتلال الإسرائيلي لم يتخل بعدُ عن مخططاته الممنهجة للاستيلاء على أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.

إن ما جرى من عدوان إسرائيلي، وما نتج عنه من دمار ومآسٍ في قطاع غزة، أمر لا يمكن احتماله، ولا يمكن المرور عليه دون محاسبة، ومع ذلك فإننا سنواصل العمل والتنسيق مع جمهورية مصر العربية، والجهات ذات العلاقة كافة، لاستمرار التهدئة وتثبيتها.

لقد بادرنا منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة، وانطلاقاً من مسؤولياتنا تجاه شعبنا، بإجراء الاتصالات واللقاءات، والقيام بعدد من الجولات، لحشد الجهود من أجل وقف نزيف الدم، والعمل على تحقيق وقف لإطلاق النار، وأوفدنا من أجل ذلك لاحقاً فريقاً قيادياً إلى القاهرة لضمان تحقيق ذلك الهدف، وقد نجح هذا الفريق في إجراء الترتيبات اللازمة لضمان تشغيل المعابر، وإدخال مواد إعادة الإعمار، ووصولها للمشاريع المحددة لها بإشراف الحكومة، وبالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة.

كما تم التوصل إلى تفاهمات مع السلطات الإسرائيلية المختصة من أجل تحقيق هذه الأهداف، مع مطالبتنا للأطراف المعنية كافة، بالتحلي بالمسؤولية، لتسهيل تنفيذ هذه المهمة، وعدم وضع أية عراقيل أمام تحقيقها.

فخامة الرئيس،

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

إن قطاع غزة الذي تعرض لثلاثة حروب في غضون ست سنوات، قد لحق به دمار كبير، في الأرواح والممتلكات. حيث بلغ عدد الشهداء 3760 شهيدا، منهم 2145 في الحرب الأخيرة، وبلغ عدد الجرحى 18100 جريحا، منهم 11200 في الحرب الأخيرة، وبلغ ما تم تدميره أو تضرر من المنازل أكثر من 80000 بيتا ومؤسسة، منها 61800 في الحرب الأخيرة، كما تضررت مرافق البنية التحتية، والمرافق العامة، ومنشآت القطاع الخاص بشكل كبير، بما في ذلك محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والنقل.

ونتيجة لذلك حدثت مآسٍ يصعب وصفها بالكلمات، فأحياء بكاملها أصبحت ركاماً، وأكثر من تسعين عائلة لم تعد موجودة في السجل المدني للسكان، ومئات الآلاف من الناجين شردوا، ولا زال أكثر من مائة ألف منهم دون مأوى للآن، وهم يحتاجون لمن يلمّ شملهم، ويضمد جراحاتهم، ويمد لهم يد العون، ويوفر لهم السكن المؤقت، إلى أن يتم بناء بيوتهم، علماً بأن بعضاً منها لم يتم إعادة بنائه منذ عدوان العام 2009. وقد لحق بالقطاع الخاص أضرار جسيمة، حيث دُمرت آلاف المنشآت الاقتصادية الصناعية والزراعية والتجارية، الأمر الذي شكل ضربة قاصمة لهذا القطاع الحيوي، ففقد الآلاف من الموظفين والعمال مصادر رزقهم، ولحقت خسارة كبيرة برؤوس الأموال.

وهنا فإننا نؤكد وقوفنا إلى جانب القطاع الخاص في غزة، ليتمكن من النهوض مجدداً واستعادة عافيته، وستقوم الحكومة بتقديم كل المساندة اللازمة، من أجل تمكينه من المساهمة في عملية إعادة الإعمار، وتذليل العقبات التي تواجهه في مجال التصدير والاستيراد، وإدخال المعدات ومواد الإعمار، والسير قدماً إلى الأمام.

على صعيد آخر، فإن هناك حاجة ماسة للمساعدة، في إعادة بناء المؤسسات الحكومية في قطاع غزة، لأنها كلها دمّرت، التي يجب أن تكون مع نظيراتها في الضفة الغربية، تحت ولاية حكومة الوفاق الوطني، وإزالة العقبات التي تواجه عملها في هذا المجال، وكذلك إعادة تشغيل المعابر بين المدن الفلسطينية في كل من غزة والضفة، وبين فلسطين والعالم، فلا يعقل أن يظل اقتصاد فلسطين رهينة إجراءات الاحتلال وممارساته العقابية.

وأود هنا أن أتوجه لأهلنا في قطاع غزة:

إنكم في صميم قلوبنا، وسنظل نعمل دون كلل أو ملل من أجل رفع الظلم عنكم، وإنهاء المعاناة التي تعيشونها منذ سنوات، سنضمد جراحاتكم التي هي جراحات عميقة في نفوسنا، سنعمر قطاع غزة، ونعيد بناءه بالاعتماد على الله أولاً، ثم على همة شعبنا وقدراتنا الممكنة والمتاحة، وبدعم من أشقائنا، وأصدقائنا في العالم، الذين نثق بأنهم لن يخذلونا في دعم اقتصادنا وتحسين أوضاعه، وتمكينكم من استعادة حياتكم الكريمة في وطنكم، وإخراجكم من هذه الحالة الكارثية التي سببتها الحرب الظالمة، فقد هزت مأساتكم ضمير العالم.

فخامة الرئيس،

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة،

إن انعقاد هذا المؤتمر الهام في هذه الظروف البالغة الدقة والتعقيد، إنما هو تأكيد على ارتباط عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة بمجمل الاقتصاد الوطني الفلسطيني، وعلى حقيقة واضحة وراسخة، وهي أن قطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية وبما فيها القدس الشرقية، تشكّل وحدة جغرافية واحدة، نسعى لجلاء الاحتلال الإسرائيلي عنها.

وإذ أشيد بدعم الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات، والهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية، التي سارعت للوقوف إلى جانبنا، وتقديم مساعدات إنسانية طارئة، ساعدت في تخفيف آثار الحرب على أهلنا في قطاع غزة، فإننا نعول مجدداً على دعمكم لإعادة إعمار ما تم تدميره، وفق الخطة التي أعدتها حكومتنا، والتي توضح مدى ما لحق بالقطاع من تدمير هائل، وتحدد الموازنة اللازمة لذلك، والتي تبلغ حوالي أربعة مليارات دولار.

وهنا نؤكد بأن الحكومة ستعمل على تنفيذ هذه الخطة بكل مسؤولية وشفافية، وبالتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة، والدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، وبالتعاون مع هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وسيتم عرضها عليكم لاحقاً في إطار هذا المؤتمر، وآمل أن تحظى بدعمكم واهتمامكم. إننا على يقين تام من توفر الإرادة السياسية الإقليمية والدولية لحشد الدعم والتمويل اللازم لإعادة الإعمار، واثقين بأنكم ستقومون بأداء دوركم في تمويل هذه الخطة ودعم تنفيذها.

فخامة الرئيس،

إننا فخورون بما تم إنجازه بالتعاون معكم، أيها الشركاءُ، الإخوة والأصدقاء، وأنتم تعلمون دون شك، مدى وحجم الآثار المدمرة لاستمرار الاحتلال والاستيطان على حياة شعبنا واقتصادنا الوطني، ففلسطين بلد واعد في مجال الاستثمار، وآفاقه رحبة، ومجالاته عديدة، غير أن الاحتلال والاستيطان على أراضي دولة فلسطين، يحرمنا من استثمار وتطوير 60% من أراضي الضفة الغربية ومصادرها الطبيعية، ويسبب خسائر هائلة وفق تقارير البنك الدولي، تصل إلى ثلاثة مليارات دولار سنوياً.

وهنا لو تمكنا من استغلال أرضنا، كفيل بأن يخرجنا من العجز المزمن في موازنة الحكومة الفلسطينية، وتحقيق قدر أوفر من الاعتماد على الذات.

وكما أسلفت، فقد عملنا مع المجتمع الدولي على مدى العقدين الماضيين، على بناء وتجهيز مؤسسات الدولة الإدارية والسياسية، والقضائية، والاقتصادية، والأمنية، لدولة عصرية، تعتمد على الذات. لا نحتاج فقط إلا الاستقلال.

لقد وضعنا منظومة من القوانين والنظم، وبنينا بنية تحتية، ومرافق صحية وتعليمية، وغيرها، وأنشأنا هيئات رقابية شفافة، الأمر الذي جعل المؤسسات المالية الدولية تشيد في تقاريرها المتكررة بحسن أداء الحكومة المالي والإداري والأمني، ونتطلع بأمل كبير إليكم لاستمرار دعمنا لمواصلة هذه الجهود.

إن عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بالمرجعيات الدولية، وقرارات الشرعية الدولية، وحل الدولتين على أساس حدود 1967، مع حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً ومتفقاً عليه استناداً لمبادرة السلام العربية، المعتمدة في قمة بيروت في عام 2002، وكذلك في مؤتمرات القمة الإسلامية، يدفع بمنطقتنا مجدداً نحو دوامة العنف والنزاع.

وإن ما تتعرض له القدس، والمسجد الأقصى، والمقدسات المسيحية والإسلامية عامة هذه الأيام، من قبل المستوطنين الإسرائيليين، ووزراء في حكومة إسرائيل، لفرض حالة تقسيم زماني ومكاني فيها، هو بمثابة صب الزيت على النار في منطقتنا، التي تشهد للأسف الشديد، حالة غير مسبوقة من التطرف والتأجيج الطائفي والمذهبي، وتحويل الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني، الأمر الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، والسلام الاجتماعي فيها. وقد دعت منظمات يهودية متطرفة اليوم للزحف نحو المسجد الأقصى بهدف الوصول إليه واحتلاله باعتباره جبل الهيكل.

وفي هذا الصدد، فإن الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب لن تكون لها مصداقية طالما ظل شعبنا الفلسطيني محروماً من حريته واستقلاله.

ونحن نؤكد على موقفنا الدائم؛ بأننا سنظل مع محاربة الإرهاب بأشكاله كافة، نقف بحزم ضد جماعات التطرف مهما كان اسمها، وضد كل من يحاول استخدام ديننا الإسلامي السمح لخدمة مخططاته الإرهابية.

صاحب الفخامة،

لقد كشف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هشاشة وخطورة الوضع في منطقتنا في ظل غياب سلام عادل، وجهود دولية تراوح مكانها، ووعود لم تتحقق، ورغم كل ما نشعر به من ألم ومرارة، فإننا نؤكد للجميع، بأننا لا زلنا متمسكين بالسلام، وبالتزاماتنا كافة، وفق الشرعية الدولية ومواثيقها وقراراتها، والاتفاقات المبرمة.

ولا بد هنا من إيجاد مقاربة دولية جديدة لحل الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، تنهي الاحتلال الإسرائيلي، وتفضي إلى إقامة دولة فلسطينية والقدس الشرقية عاصمتها على حدود العام 1967، لتعيش إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وحسن جوار، تطبيقاً لرؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، فشعبنا الفلسطيني ومنطقتنا بأسرها لا يحتملون المزيد، والوضع في المنطقة على حافة الهاوية.

ولذلك، فإن المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى، بدعم سعينا لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يضع سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال، والذهاب من ثمّ إلى مفاوضات جادة لحل قضايا الوضع النهائي كافة بدءاً بترسيم الحدود في إطار جدول زمني محدد، لا يتعارض مع التزاماتنا بتحقيق السلام العادل والشامل، على نحو يكفل الأمن والاستقرار لجميع شعوب ودول المنطقة، ويسهم في تعزيز السلم والأمن العالميين.

وهنا يحق لنا أن نتساءل: أما آن لشعبنا أن ينعم بحريته وكرامته وسيادته واستقلاله في دولته الخاصة به؟ وهل هذا كثير، أيها السيدات والسادة؟ أما آن للحق والعدل أن يبسطا ظلالهما على فلسطين؟ أما آن للظلم التاريخي لشعبنا أن ينتهي؟ أما آن لأطول احتلال في العصر الحديث أن ينتهي؟ أسأل هذا السؤال وأتمنى جوابا، لماذا شعب فلسطيني آخر شعب تحت الاحتلال؟ هل تنقصنا الثقافة والتعليم؟  لدينا كل شيء، لدينا 53 مؤسسة جامعية في الأرض الفلسطينية.

لم يعد مقبولاً أن نعيش تكرار النكبات والمآسي والحروب، وطلب إعادة الإعمار كل عامين. فعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، بعدم السماح بتعريض شعبنا الفلسطيني مجدداً للعدوان والدمار والتشريد والمعاناة، من خلال دعمه لمطلبنا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا، وتنفيذ رؤية حل الدولتين ومبادرة السلام العربية. هذا كل ما نطالب به.

أجدد شكري لكم جميعاً، وأثمن عالياً دعمكم وتضامنكم مع فلسطين أرضاً وشعباً وقضية، راجياً لهذا المؤتمر تحقيق غاياته المنشودة، ومعبراً عن امتناننا وتثميننا العالي للجهود التي بذلت من أجل تنظيمه وانعقاده على هذه الأرض الطيبة، التي نتمنى لها ولشعبها ولقيادتها مزيداً من الاستقرار والازدهار.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كلمة الرئيس محمود عباس في مستهل إجتماع القيادة الفلسطينية بتاريخ 26. 8. 2014

بسم الله الرحمن الرحيم

يمر اليوم الواحد والخمسون على العدوان الهمجي الذي مارسته وتمارسه إسرائيل ضد أهلنا في قطاع غزة، وفي هذه المدة ارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من ألفي شهيد وإلى أكثر من 10 آلاف جريح وعشرات آلاف البيوت، وللأسف حتى هذه اللحظة لا زال الهجوم والاعتداء دون تمييز وفي أغلب الأحيان يكون الأبرياء والمدنيون الضحية الأولى لهذا العدوان وكما يعرف الجميع فإن عشرات العائلات قد تصل إلى أكثر من ستين عائلة أبيدت بالكامل.

ومن هنا كان لا بد لنا أن نبذل كل الجهد الممكن وغير الممكن من أجل وقف القتال وبخاصة بعد أن انسحب الإسرائيليون من المفاوضات وعاد وفدنا واستمر جهدنا المكثف من أجل العودة للمفاوضات مرة أخرى.

وبالفعل تمكنا اليوم في هذه اللحظات من أن نعلن قبولنا بالمبادرة المصرية بوقف القتال، هذا الوقف متزامن مع تزويد القطاع بالمواد الإنسانية والطبية والغذائية والعمرانية التي يحتاجها، وفيما بعد سيكون هناك حديث على كل الطلبات التي ستوضع على الطاولة.

أثمرت الجهود الآن وقبل دقائق فقط من الوصول للعودة إلى المفاوضات، وقلنا أن الساعة السابعة، أي الآن، سيكون هنالك توقف كامل للقتال، ويعود الوفدان في أقرب فرصة ممكنة للقاهرة لاستكمال هذه الجهود.

نؤكد على التقدير الكامل لمصر التي بذلت معنا جهودها منذ فترة طويلة للوصول لصيغة ترضي كل الأطراف، ونؤكد أيضا أن دولة قطر أسهمت في هذا، ولعل من المفيد أن نذكر أن جون كيري بذل جهودا معنا وكان على اتصال دائم معنا من أجل تحقيق هذا الغرض، كل الشكر لكل الجهات التي بذلت هذه الجهود، والشكر للأمم المتحدة التي سترسل فورا المواد المطلوبة لقطاع غزة، لأن الوضع المأساوي هناك لا يمكن أن يخطر على بال أحد.

كان موضوع وقف القتال هو الموضوع الأساس الذي بحثناه مع قيادة حماس في الدوحة، وبحثنا أيضا مواضيع أخرى مهمة وهي تركيز وتمكين المصالحة الوطنية، بحيث تتمكن حكومة الوفاق الوطني من القيام بأعمالها، هذا بحاجة لوقت وجهد ولكن هذا هو هدف من الأهداف التي سعينا إليها منذ تحدثنا عن المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.

في هذه الفترة التي طالت أكثر من 50 يوما كنا نبذل كل جهد لتزويد أهلنا بالمواد التي يحتاجون إليها سواء من هنا، وهذا حصل من كل المؤسسات والجهات وهذا شيء جيد جدا بأن يحس الشعب بمأساة إخوانه، ولا ننكر الدول التي سارعت لإرسال المعونات والمساعدات لأهلنا في قطاع غزة. لكن كل هذا لا يكفي ولا بد من انهمار كل المواد الطلوبة حتى يتمكن الناس من العيش من الشرب الماء من الكهرباء ثم بعد ذلك من التعليم حيث أن كل المدارس مشغولة بالعائلات، والمستشفيات مشغولة بالعائلات، إذا لم تكن تعرضت للتدمير لأن التدمير شمل المدارس والمستشفيات وأماكن العبادة، كل هذا يحتاج لمواقف سريعة لنتمكن من لأم الجرح الكبير الذي أصاب أهلنا في قطاع غزة.

هناك موضوع آخر سنتناوله، وهو ماذا بعد؟ قطاع غزة بالذات تعرض لـ 3 حروب في 2008-2009 و2012 و2014، هل نتوقع حرب أخرى بعد سنة أو سنتين، وإلى متى ستبقى القضية بدون حل، نحن سنضع أمام القيادة رؤيتنا لهذا الحل وسنستمر في التشاور فيه مع الأشقاء والمجتمع الدولي، لكن يجب أن تكون الرؤية واضحة جدا، ومحددة جدا ومعلومة من الأف إلى الياء، أما الدخول في مفاوضات غائمة أمر لا يمكن أن نستمر فيه.

كلمة الرئيس محمود عباس خلال افتتاح اجتماع القيادة بمقر الرئاسة

رام الله 22 تموز 2014

بسم الله الرحم الرحيم

الأخوات والإخوة،


منذ اللحظة الأولى لهذا العدوان الإسرائيلي الهمجي ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية رفعنا صوتنا عاليا بوجوب وقف هذا العدوان، وأجرينا اتصالات إقليمية دولية واسعة من أجل ذلك، وطلبنا من الرئيس المصري السيسي على وجه الخصوص التحرك من أجل وقف العدوان حقنا لدماء شعبنا، وقد استجاب مشكورا وقدمت مصر مبادرة تتضمن وقفا فوريا لإطلاق النار والعمل على إنهاء الحصار وفتح المعابر وباقي الاستحقاقات الأخرى.

ومباشرة توجهنا لجمهورية مصر العربية وأجرينا مباحثات مع الرئيس والفصائل الفلسطينية ذات العلاقة من حماس والجهاد، ثم توجهنا إلى تركيا وقطر، حيث واصلنا العمل مع قيادات البلدين والتقينا مع الأخ خالد مشعل من أجل وقف العدوان الإسرائيلي، والتوصل لوقف إطلاق النار ومن ثم العمل على إنهاء الحصار وفتح المعابر ووقف أشكال العدوان كافة بما يشمل احترام حقوق الصيد البحري وإلغاء ما يسمى المناطق العازلة الحدودية، والإفراج عن أسرى صفقة شاليط التي أعادت إسرائيل اعتقالهم، والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى وأعضاء المجلس التشريعي، والعمل الفوري على إدخال المساعدات الإنسانية وعقد مؤتمر دولي للمانحين لإعادة إعمال غزة.

الأخوات والإخوة،


لقد آن الأوان ليرفع الجميع صوته عاليا ليقول كلمة حق صارخة مدوية في وجه آلة القتل والدمار الإسرائيلية، إن قوات الاحتلال الغاشمة تجاوزت كل الحدود وانتهكت كل القوانين والأخلاق الإنسانية والدولية، وبمنتهى الوحشية والهمجية، ونحن نعلم أننا لا نملك قوة الطائرات والمدفعية، لكننا نملك ما هو أقوى من قوة النار والحديد والغطرسة، نملك قوة الحق والعدل فنحن أصحاب حق لا تمحوه قوة مهما بلغت، وهو حق تاريخي عمد بالتضحيات الجسام، نحن نملك وحدتنا وتماسكنا، لذلك أدعوا الجميع للتعاضد ونبذ الخلافات في هذه اللحظات العصيبة والتحلي جميعا بالمسؤولية الوطنية والابتعاد عن الفصائلية الحزبية الضيقة وندرك أن الهدف الرئيسي لهذا العدوان الإسرائيلي تدمير قضيتنا الوطنية وإجهاض المصالحة.

إننا نؤكد لأبناء شعبنا أننا متمسكون بالوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وحكومة الوفاق الوطني، وسنواصل اتصالاتنا وتحركاتنا الإقليمية والدولية ولن نتخلى عن مسؤولياتنا، وسنذهب لكل مكان لوقف العدوان وانتزاع حقوقنا المشروعة، وسنلاحق كل مرتكبي الجرائم ضد أبناء شعبنا مهما طال الزمن، دون أن تمر هذه الجرائم من دون محاسبة وعقاب.

إنني أكرر مجددا على ضرورة إخراج القضية الفلسطينية من أي تجاذبات أيا كانت والكف عن إتباع سياسة الكيل بمكيالين، فإن نقطة دم واحدة من طفل فلسطين أغلى عندنا من كل شيء في هذا العالم.

أود أن أوجه كلمة إلى أبناء شعبنا عامة، وإلى الأحبة في قطاع غزة على وجه الخصوص:

أيها الأعزاء الصامدون الصابرون إن آلامكم هي آلامنا وآلام شعبنا حيث ما وجد، وإن معاناتكم وما تتعرضون له اليوم ليحفر جرحا عميقا في قلبنا، فكل قطرة دم وكل شهيد يسقط نجد ألمه في أعماق وجداننا ولن تستطيع الكلمات أن تصف ما نشعر به، وما يختلج في خاطرنا اتجاهكم، فجراحكم هي جراحنا وغضبنا لكبير ولن ننسى ولن نغفر وشعبنا لن يركع إلا للواحد القهار، ولن ينعم أحد في العالم بالأمن والاستقرار ما لم ينعم بهما أطفال غزة والقدس والضفة بل أطفال فلسطين في كل مكان.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والنصر بإذن الله للحق والعدل ولإرادة شعبنا الذي دفع ثمنا غاليا من أجل حريته واستقلاله ولن يرهبنا القتل ولا التدمير وسنعيد بناء ما دمره العدوان وسنضمد جراحنا حين يأتي اليوم المحتوم الذي ننتصر فيه وترفرف رايات القدس عالية فوق الأقصى والقيامة في القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين المستقلة إن شاء الله.

بسم الله الرحمن الرحيم
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)
والسلام عليكم ورحمة الله

كلمة الرئيس محمود عباس إلى شعبنا الفلسطيني بعد مجزرة حي الشجاعية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والقدس والضفة وفي كل مكان يعتصرني الألم والغضب، وأنا أرى المجازر والقتل والدمار الذي تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه المدنيين الأبرياء من أبناء شعبنا الفلسطيني، ما قامت به قوات الاحتلال الغاشم اليوم في حي الشجاعية بقطاع غزة هي جريمة في حق الإنسانية ومجزرة بشعة ستحاسب عليها، ولن يفلت مرتكبيها من العقاب.

وأقول أن فشل مجلس الأمن من اتخاذ قرار يوقف العدوان والمجازر في حق شعبنا، لا يعفيه من مسؤولياته وفق القانون الدولي، لذلك فإنني أدعو لجلسة طارئة أخرى وعاجلة هذه الليلة لمجلس الأمن.

الوضع لا يحتمل، على الرباعية الدولية والمجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في هذه اللحظة الخطيرة، ونطالب بحماية فورية دولية لشعبنا الفلسطيني.

- وأدعو الجميع للتحلي بالمسؤولية وإبعاد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية عن التجاذبات الإقليمية والدولية.

- إنني أواصل اللقاءات والاتصالات مع القيادات العربية والدولية من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا.

- نؤكد مرة أخرى على ضرورة التزام الجميع بوقف إطلاق النار وفق المبادرة المصرية حقنا للدماء.

- ويجب أن تنصب الجهود كافة لوقف إطلاق النار، والعمل على إنهاء الحصار وفتح المعابر وإطلاق سراح الأسرى الذين تم إعادة اعتقالهم من صفقة شاليط، والدفعة الرابعة من الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية فورا والعمل على إعادة إعمار قطاع غزة.

- نؤكد على وحدتنا وتماسكنا واستمرار المصالحة الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني.

- آن الأوان لوقف العدوان والجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا، آن الأوان لتوفير الحماية الدولية على قطاع غزة، والقدس والضفة، آن الأوان لإنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني لحريته واستقلاله.

- المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى، عاشت فلسطين، وعاش شعبها الصابر الصامد الصامد، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل.