الشباب الفلسطيني والعمل التطوعي

يشكل العمل التطوعي أهم الركائز الأساسية لتعزيز دور الشباب في الحياة الاجتماعية ومساهمتهم  في بناء مجتمعاتهم.  وقد لعبت التغيرات السياسية التي ألمت بالشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948م دوراً حاسماً وبارزاً في اتساع دائرة مشاركة الشباب الفلسطيني في العمل التطوعي وزيادتها؛ فبعد أن كان العمل التطوعي غير مؤسس، ويغلب عليه الطابع الاجتماعي،  ويرتكز على ما عرف "بالعونة" التي كانت منتشرة في موسم قطف ثمار الزيتون، وعند عقد سقوف البيوت- أصبح يمثل شكلاً من أشكال النضال ومقاومة الاحتلال، ليقترن بذلك العمل التطوعي بالقضية الوطنية؛ ففي ظل تنامي الشعور الوطني لدى الشباب الفلسطينيين في سنوات السبعينيات والثمانينيات نحو مقاومة الاحتلال، بدأوا بتشكل لجان العمل التطوعي في الأراضي الفلسطينية، مثل: "اتحاد لجان الشبيبة للعمل التطوعي"، و"الاتحاد العام للجان العمل التطوعي"، و"اتحاد الشباب الديمقراطي للعمل التطوعي".

 وقد لعبت هذه اللجان دوراً فعالاً نحو تعزيز العمل التطوعي كأحد أهم أشكال العمل المجتمعي المقاوم؛ ما دفع بسلطات الاحتلال إلى ملاحقة قيادات وعناصر هذه اللجان واعتقالهم لفترات متفاوتة، وكانت معظم أنشطة هذه اللجان تتركز في تنظيم فعاليات تطوعية تأخذ بعض الأحيان طابعًا دوريًا، مثل: مساعدة الفلاحين في قطف ثمار الزيتون وزراعة الأشجار، وحملات النظافة في المدن والقرى والمخيمات، وتنظيم المعسكرات الشبابية والتطوعية.

ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى تصدرت هذه اللجان قيادة دفتها وتنظيم فعالياتها؛ فشكلت اللجان الشعبية والشبابية في القرى والمدن والأحياء؛ وتعاظم دورها التطوعي في تعزيز صمود المواطن الفلسطيني عبر سلسلة من الأعمال التطوعية  كأحد أهم أشكال العمل المجتمعي في مقاومة الاحتلال. 

وكانت الجامعات والكليات الفلسطينية مسرحاً للنشاط الوطني والاجتماعي؛ فلم تكن هذه الجامعات والكليات مجرد أماكن للدراسة؛ بل كانت خلية من النشاط والحركة والإبداع والمبادرة من خلال تنظيم الفعاليات الوطنية والمظاهرات ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ فقد قامت الأطر الطلابية ومجالس الطلبة بتنظيم المهرجانات الفنية والتراثية السنوية والفصلية وتنظيم العمل التطوعي في قطف الزيتون، وكذلك إقامة المعارض الفنية والتراثية الفلسطينية، وإحياء جميع المناسبات الوطنية؛ ما دفع بسلطات الاحتلال إلى إغلاقها لفترات زمنية طويلة.

وبعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، ازداد الاهتمام بقطاع الشباب تحديداً كمجال وطاقة تطوعية، وتوالت الكثير من المجموعات الشبابية على إنشاء مؤسسات أهلية وشبابية تخدم الشباب بشكل خاص أو المجتمع بشكل عام.

ومع دخول انتفاضة الأقصى في عام 2000، بدأ العمل التطوعي يظهر بكل قوة في كل الميادين لمواجهه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اجتياحات وحصار ودمار وإغلاقات؛ فقدم الشباب نموذجاً رائعًا مع بدايات هذه الانتفاضة في التكافل الاجتماعي والرفض لما يحدث على الساحة الفلسطينية، وتنظيم الكثير من الفعاليات الشعبية لتوصيل صورة ما يحدث على الأراضي الفلسطينية إلى لمجتمع العربي والعالمي؛ عدا عن تشكيل مجموعات طوارئ من الشباب لتقديم المساعدات الإنسانية والخيرية للمجتمع، ومروراَ بالأحداث المتتالية لهذه الانتفاضة، التي راح ضحيتها آلاف الشباب من شهداء وجرحي ومعتقلين.

وقد حددت دراسة  أعدها الدكتور عبد القادر إبراهيم حماد (أستاذ الجغرافيا في جامعة الأقصى)، الأسباب الرئيسية التي تدفع بالشباب الفلسطيني نحو المشاركة في العمل التطوعي،على النحو التالي:

1-  ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المتواصل على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

2- الإيجابية وحب العطاء والخير والعمل الإنساني.

3- أخذ دور فعال في المجتمع، والرغبة في مساعدة الآخرين.

4- الاهتمام بنشاط أو عمل معين أو التعلم واكتساب الخبرات.

5- قضاء وقت الفراغ بالتسلية والمشاركة بالأنشطة والفعاليات.

6- التفاعل الاجتماعي وتكوين أصدقاء جدد.

7- قد يكون مرد التطوع أسبابًا دينية أو اجتماعية أو تعليمية أو ثقافية... الخ، مثل زيادة فرصة الحصول على عمل والحصول على شهادات خبرة، وإثراء السيرة الذاتية.

8- الحصول على ساعات العمل التطوعي الخاصة بالجامعة.

9- الانخراط بالمؤسسات المجتمعية والتعرف عليها.