الملكية الأدبية "حق المؤلف" في فلسطين

حق المؤلف هو أحد شقي الملكية الفكرية التي تتكون من: الملكية الأدبية، والملكية الصناعية، وهو مصطلح قانوني يحقق الحماية للشكل المادي الذي يجسد العمل الإبداعي في صورته الظاهرة والملموسة؛ وبناء عليه: تتمتع بالحماية كل من: المواد المكتوبة، والمصنفات الموسيقية، والمسرحيات، والمصنفات السمعية البصرية، واللوحات والرسوم الزيتية، والنحت، والمصنفات الفوتوغرافية، والبرامج المذاعة، والتسجيلات الصوتية، والأداء الموسيقي، وأداء الممثلين والمغنين، والمصنفات المعمارية، والمصنفات المستوحاة من الفنون الشعبية، والبرامج المعلوماتية والبرامج الكمبيوترية والإلكترونية، والترجمات، ومصنفات تصميم الرقص والتمثيل الإيمائي، وأعمال الفنون التطبيقية، والصور التوضيحية والخرائط، وعنوان المصنف.

تشريع حقوق المؤلف في فلسطين:

كان لتعدد وتغير أشكال السيادة والحكم التي مرت بها فلسطين أثر كبير في التشريعات الفلسطينية ابتداء من مرحلة الحكم التركي العثماني إلى يومنا هذا.

- مرحلة الحكم التركي العثماني ( 1516 – 1918 ): في هذه المرحلة طبق في فلسطين قانون "حق المؤلف" التركي العثماني لعام 1910، كقانون يحفظ حقوق المؤلفين والمبدعين.  وقد تضمن هذا القانون عدة مواد أعطت المؤلف حق الملكية على جميع منتجاته الفكرية، دون استثناء، ومن ضمنها المواد التي حددت وقسمت المصنفات المحمية إلى: الألواح والمخطوطات، والمنحوتات والرسوم والخرائط، وسائر المسطحات والمجسمات، والأفكار، والكتب والمؤلفات، وجميع منتجات الأفكار ..الخ؛ ومن خلال مواده المتعددة الأخرى؛ ضمن هذا القانون الكثير من الحقوق، ومنها: حقوق النشر والبيع والترجمة، وإفراغ الموضوع في قالب تمثيلي، والحقوق المادية للمؤلف، بالإضافة إلى المادة السادسة التي حددت مدة حماية المؤلف ما دام حياً ولورثته مدة 30 سنة بعد وفاته.

- مرحلة الحكم البريطاني ( 1918 – 1948 ): مرت فلسطين بثلاثة أشكال من الحكم البريطاني؛ حيث تمثل الشكل الأول  بمرحلة الحكم العسكري، وفي عام 1920 استبدل الحكم العسكري بإدارة مدنية مؤقتة برئاسة هوبرت صوموئيل (المندوب السامي)؛  وذلك تمهيدا للمرحلة الثالثة (مرحلة الانتداب)؛ حيث بدأت هذه المرحلة في 29 سبتمبر عام 1923، واستمرت حتى 15 مايو عام 1948. وقد اتسمت هذه المرحلة بوضع العديد من التشريعات، التي كان من بينها تشريع حقوق المؤلف لعام 1924؛ وبموجب هذا القانون يسرى قانون حقوق الطبع والتأليف البريطاني على فلسطين؛ حيث نصت المادة ( 25) من هذا القانون على جواز تطبيقه على أي من الممتلكات البريطانية (البلدان الواقعة تحت حكم الاستعمار البريطاني).

- مرحلة تفتت الكيان الفلسطيني ( 1948 – 1967 ): حيث جرى تمزيق الأراضي الفلسطينية  واحتلت إسرائيل القسم الأعظم من فلسطين وأقامت دولتها، وأصبحت المنطقة الجبلية ومنطقة الأغوار (الضفة الغربية) جزءًا من المملكة الأردنية الهاشمية بناء على قرارات مؤتمر أريحا عام 1948، والشريط الساحلي من جنوب فلسطين (قطاع غزة)، الذي أصبح خاضعًا لرقابة القوات المصرية؛ ففي تلك الفترة، كانت الأردن لا تزال تعمل رسميا بقانون حق التأليف العثماني،  وهكذا تراجع القانون البريطاني وعاد القانون العثماني نظريًا للعمل في الضفة الغربية، كتحصيل حاصل؛ رغم أنه لم يصدر قانون بديل يلغي قانون 1924؛ أما في قطاع غزة، فقد بقي قانون 1924 ساري المفعول؛ إذ إن السلطات المصرية لم تحاول تغيره او التعديل عليه.

وعلى أي حال؛ فإن تطبيق عملي لقانون حقوق المؤلف سواء في الضفة أو القطاع لم يتحقق، ولم يوضع موضع التنفيذ خلال هذه المرحلة، سواء بموجب القانون العثماني أو القانون البريطاني.

- مرحلة الاحتلال الإسرائيلي ( 1967- 1994 ): ألغت إسرائيل الوجود الأردني والمصري في هذه الفترة، وأخضعت المناطق المحتلة إلى حكم عسكري بالغ القسوة، وأبقت نظريًا على القوانين التي كانت سارية في الضفة والقطاع، وحاصرتها بالأوامر العسكرية التي قيدت جميع مناحي الحياة في الضفة وغزة؛ حيث قيدت الكتابة والنشر وتوزيع الكتب، وفرضت رقابة عسكرية شديدة جدا؛ كي تلغي كل أشكال الإبداع من ناحية، ولتعزل سكان الأراضي المحتلة إبداعيًا وفكريًا عن العالم العربي.  وتجدر الإشارة هنا إلى أن زوال الحكم الأردني عن الضفة الغربية يعني بشكل ضمني عودة سريان قانون 1924؛ لأن العودة إلى القانون العثماني أثناء المرحلة الأردنية كانت قد تمت بحكم الواقع وليس بنصوص قانونية.

- مرحلة نشاط منظمة التحرير الفلسطينية: استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية في الفترة (1967- 1994) أن تجسد وتقود حركة المقاومة الفلسطينية، وأن تبرز من جديد هوية الشعب الفلسطيني النضالية والفكرية والإبداعية؛ حيث كسبت عضوية جميع المؤسسات العربية وعضوية مراقب في العديد من المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو وغيرها من المنظمات الدولية؛ ففي مجال "حقوق المؤلف" وقع باسم فلسطين المدير العام للإعلام والثقافة بمنظمة التحرير الفلسطينية في نوفمبر عام 1981  على "الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف".

- مرحلة السلطة الوطنية الفلسطينية: بناء على ما ورد في المراحل التي سبقت قيام سلطة وطنية فلسطينية؛ فإن التشريع الساري في فلسطين في الوقت الحاضر هو تشريع سنة 1924، الذي أصدرته حكومة الانتداب البريطانية؛ ولم يجر تحديث أو تغير معتمد من المجلس التشريعي لهذا القانون حتى الآن؛ وهو بهذا، أقدم القوانين في البلدان العربية. وقد جرت عدة محاولات قامت بها وزارة الثقافة الفلسطينية، بصفتها هي السلطة الوطنية المختصة بإدارة حقوق المؤلف،  لوضع قانون جديد يتوافق مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بقانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة منذ اللحظة الأولى لقيام السلطة الوطنية الفلسطينية سنة 1994؛ حيث أعدت قانونًا عام 1996، مستفيدة من القوانين المعمول بها في الدول العربية؛ وتم عرضه على المجلس التشريعي الفلسطيني  ومناقشته  في اللجان القانونية التابعة للمجلس؛ ولكن، للأسف، لم يتم اعتماده  والمصادقة علية في تلك الفترة. ان لدى وزارة الثقافة وحدة خاصة بحماية حقوق المؤلف تم انشاؤها رسميا في الاول من سبتمر عام 1998؛ حيث تم إلحاقها بالإدارة العامة للتنمية الثقافية، ثم بالإدارة العامة للمكتبات والمخطوطات.

وقد جرت محاولة أخرى لصياغة قانون حديث عام 2000، وجرى تقديمه للمجلس التشريعي، وجرت مناقشته في اللجان المختصة، ثم توقف عند هذا الحد.

وجرى تحديث مشروع القانون عام 2006 بالتعاون مع مكتب "اليونسكو" في رام الله بمعاونة الدكتور "فيكتور نبهان"؛ ولكن لم يتم دراسته في المجلس التشريعي نتيجة لتوقف جلسات المجلس.

إن عدم إقرار المجلس التشريعي الفلسطيني قانون حقوق المؤلف لغاية هذه اللحظة له أثر كبير على عدم  إقرار نظام إيداع المصنفات الذي يتبع قانون حقوق المؤلف، والذي أثر بدوره على عدم وجود مكتبة وطنية فلسطينية؛ ومن هنا نستطيع تلخيص الواقع الفلسطيني فيما يختص بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في الحقائق الراهنة التالية:

- لا يزال القانون البريطاني 1924 نظريًا هو القانون الساري في فلسطين إلى أن يتم استبداله بقانون فلسطيني.

- لا تزال فلسطين عضوًا في اتفاقية "بيرن" 1933 لحماية المصنفات الأدبية والفنية كتحصيل حاصل خلال مرحلة الانتداب البريطاني.

- فلسطين عضو في الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف منذ عام 1981.

- فلسطين عضو في منظمة "الأليسكو"، وتشارك في الأنشطة المتعلقة بحقوق المؤلف التي تنظمها هذه المنظمة.

- تعدّ فلسطين عضوًا مراقبًا في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، وبشكل عملي منذ عام  1998، بدليل مشاركتها في أعمال ولقاءات ومؤتمرات WIPO؛ إلا أنها لم تسجل رسميا كعضو  في تلك الفترة؛ حيث أصبحت فلسطين عضوًا مراقبًا مسجلًا رسميًا عام 2005.