يوم التطريز الفلسطيني

 

يحتفل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات في الخامس عشر من كانون الأول من كل عام بـ"يوم التطريز الفلسطيني" الذي اعتمده مجلس الوزراء في جلسته في العاشر من كانون الثاني 2022 المنعقدة في مدينة أريحا، فقد تم في هذا اليوم اعتماد اللجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي في "اليونسكو"، الطلب الفلسطيني لإدراج "فن التطريز في فلسطين: الممارسات، والمهارات، والمعارف، والطقوس" في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وذلك خلال اجتماعها السادس عشر الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس، وفتح توقيع دولة فلسطين عام 2011م على اتفاقية 2003 التي تعنى بصون وحماية التراث الثقافي غير المادي الفرصة أمام فلسطين لتسجيل عناصر تراثها ضمن القائمة التمثيلية للتراث العالمي.

ويأتي هذا القرار، في ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة على كل ما يوثق الهوية الفلسطينية ويؤكد أصالة هذا الشعب وانتمائه الذي تمتد جذوره إلى حقب موغلة في القدم وكل ما يندرج تحت عنوان التراث الفلسطيني؛ فسعى هذا الاحتلال الإحلالي بدهائه الذي نسجه بخطى مدروسة ممنهجة إلى ابتداع سبل وأساليب تحارب الحقيقة بكل أشكالها المادية وغير المادية التي غرستها حقب التاريخ في أبناء هذا الوطن وماجداته عبر تقلب الأيام والعصور تماشيًا مع الظروف والآلام التي قدر لهذا الشعب شرف القيام بأعبائها في أحد أقدس القضايا التي تكاد لا تتكرر في بقعة أخرى من بقاع المعمورة؛ فسعى إلى انتهاج سياسة يمكن وصفها بأنها سياسة تطهير تراثي تعتمد أساليب التزوير والطمس والسرقة وتلفيق الخرافات واستخدام أساطير توراتية لتغطية عين الحقيقة بقالب ديني يؤصَّل في أذهان طفولة مستوطنيه لتغدو عقيدة لا سبيل للتنازل عنها.

وقد استهدفت هذه الهجمة من بين ما استهدفته الثوب الفلسطيني المطرز الذي صاغته حفيدات كنعان في هذه البقعة المقدسة بالإبرة والخيط بأنامل رقيقة الخَلْق عظيمة الرسالة، وعقل حباه الله مَلَكة الإبداع بنفوس صابرة ترسم صورة الحقيقة لتكسو ملائكة العطاء هيبة فوق هيبتها ووقارًا فوق وقارها وقدْرًا فوق قيمتها.

لقد سجلت فلسطين عبر هذه الخطوة انتصارًا تاريخيًّا في إحدى ساحات النضال الفلسطيني تسمح لها بالمحافظة على تراثها الحضاري وهويتها الوطنية في وجه السياسة الإحلالية التي تنتهجها دولة الاحتلال.

يمتد تاريخ التطريز الفلسطيني إلى بدايات نشوء هذا الوجود المبارك لهذا الشعب منذ عهد الكنعانيين حاكته أكف التحدي التي اكتوت بمزيج من صور القسوة في الحياة، فأنجبت بصمة جميلة تزين التراث الشعبي الفلسطيني وتشيد جزءًا أصيلًا من الهوية الشعبية الفلسطينية، وتؤكد ارتباطها مع أرض الرسالات؛ إذ تأثرت أشكال ورسومات التطريز بموجودات البيئة المحيطة بكل منطقة؛ فهناك العديد من الأشكال والزخارف التي درجت النساء على تطريزها على الأثواب كشجرة السرو، والورود، والزهور وغيرها؛ فغدا لكل منطقة من فلسطين أسلوبًا في التطريز يميزها عن سواها؛ كما تتميز المناطق عن غيرها بعناصر متعددة، كلون القماش، ولون خيوط التطريز، والأشكال والزخارف المطرزة، والأجزاء المطرزة من الثوب.

ونلاحظ أن الثوب الفلسطيني أصبح يكتسب قيمة وتقديرًا بمرور الأزمان، إذ تحرص الفلسطينيات على اقتنائه ضمن أثمن ملابسها سواء في فلسطين أم في بلاد المهجر.

 للمزيد: فن التطريز الشعبي الفلسطيني