مي زيادة

ولدت مي إلياس زيادة في مدينة الناصرة بفلسطين سنة 1886 على أرجح الأقوال. والدها لبناني الأصل، وأمها فلسطينية، وبقيت في الناصرة حتى بلغت الرابعة عشرة من عمرها، وهناك أتمت دراستها الثانوية.

انتقلت مع والديها الى "كسروان" اللبنانية، والتحقت بمدرسة الراهبات في "عين طوبة".

منذ صباها أخذت تظهر المعالم والميول الأدبية وشغف القراءة والكتابة، واستطاعت أن تتقن الإنجليزية والفرنسية، وتقرأ بهما عيون الأدب الغربي.

هاجرت مي زيادة إلى القاهرة سنة 1911 مع والدها الذي أنشأ في مصر جريدة باسم "المحروسة"، وكانت مي تكتب وتنشر فيها مقالات أدبية، وفي القاهرة أقبلت على الأدب العربي؛ تقرأ عيونه وتتمثله تمثلاً حسناً حتى أتقنت العربية، واستطاعت أن تترجم بعض الأعمال الأدبية الغربية إلى العربية بأسلوب بليغ، وبدأت تُعرف في الأوساط الأدبية بمصر.

سنة 1914 عقدت مي زيادة صالونها الأدبي الذي يعد أشهر صالون أدبي في مصر، إذ كان يحضره الكثيرون من كبار رجالات الثقافة في مصر، مثل:

أحمد لطفي السيد، ومصطفى صادق الرافعي، والعقاد، وهيكل، وطه حسين، وأنطون الجميل، ومصطفى عبد الرازق، وغيرهم من شيوخ الأدب وأئمة الفكر.

اشتهرت مي زيادة بقدرتها على الخطابة الرائعة في الأندية والمحافل، وعلى امتلاك قلوب مستمعيها ببيانها الرائع وصوتها العذب، وعُدّت، في حينه الخطيبة الأولى في العالم العربي.

نشرت مي زيادة في حياتها 13 كتاباً، أولها ديوانها بالفرنسية "أزاهير حلم" الصادر سنة 1911، وقامت الأديبة السورية سلمى الحفار الكزبرى بجمع وتحقيق المؤلفات الكاملة لمي زيادة في مجلدين.

ارتبطت بالأديب اللبناني الكبير جبران خليل جبران بعلاقة حميمة، تمت عبر المراسلة، ودامت لسنين عدة، وتمخضت عن مجموعة من الرسائل المتبادلة، تعتبر مقطوعات أدبية غاية في الروعة من حيث مضامينها الإنسانية الرفيعة ومستوى صياغتها الفنية.

تأثرت مي زيادة بوفاة والدها سنة 1929، ثم والدتها بعد ذلك بسنوات، وأغلقت صالونها الأدبي وانفض الناس من حولها، وانتهى الأمر بهذه الموهبة الفذة إلى مستشفى الأمراض العقلية في "العصفورية" بلبنان سنة 1936، ثم تدخل أصدقاؤها وأخرجوها من المستشفى، وعادت إلى القاهرة سنة 1939.

توفيت مي زيادة بالقاهرة سنة 1941