يعتبر الدكتور إحسان عباس احد ابرز نقاد الأدب ومؤرخيه في العالم العربي. ولد في قرية عين غزال قضاء حيفا عام 1920. بدأ تعليمه في مدرسة القرية ثمّ انتقل إلى المدرسة الحكومية بحيفا حيث أمضى أربع سنوات أنهى بها السنة الثانويّة الأولى ليكمل السنة الثانية الثانويّة في "مدرسة عكا" الحكوميّة. وكان طامحاً لاستكمال دراسته في "الكلّية العربيّة" بالقدس وكان القبول فيها مقصوراً على المتفوّقين من جميع طلاب المدارس الحكوميّة في فلسطين. وقد خوّله اجتهاده وتفانيه في التحصيل العلمي الالتحاق بتلك الكلّية وأمضى فيها السنوات من 1937 إلى 1941.
استفاد إحسان عباس من أن "الكلّية العربيّة" تخوّل المتخرّجين فيها التعليم في المدارس الثانويّة الحكوميّة، فُعيّن في إثر تخرّجه في "مدرسة صفد" ودرّس فيها حتى سنة 1946. كما أنّ المتخرّج في هذه الكلّية تتاح له فرصة الحصول على بعثة لاستكمال تعليمه الجامعي خارج فلسطين، فحصل على منحة لدراسة الأدب العربي بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة لاحقاً) ونال شهادة البكالوريوس(الليسانس) سنة 1949، وتزامن ذلك مع نكبة فلسطين. وكانت القوات الصهيونية قد احتلت، فيما احتلت، مسقط رأسه قرية عين غزال في خريف 1948 أثناء وجوده في القاهرة وشرّدت أهله، وانتهى مصير العائلة باللجوء إلى بغداد.
بقي في مصر وعمل معلّماً في إحدى المدارس بالقاهرة، واستكمل دراسته فيها، فنال شهادة الماجستير سنة 1952 عن أطروحته "الأدب العربي في صقلية الإسلامية" بإشراف الأستاذ الدكتور شوقي ضيف. وواصل تحصيله العلمي للحصول على شهادة الدكتوراة فاختار موضوع "حياة الزهد وأثرها في الأدب الأموي" بإشراف الأستاذ نفسه وحصل عليها سنة 1954. غير أنه لم يكن راضياً عن فحوى أطروحته إذ أدرك بعد مناقشتها أن "موضوعها لا يصلح أن يكون محوراً لبحث علمي" على حدّ تعبيره، فلم ينشرها.
غادر القاهرة إلى الخرطوم في مطلع 1951 لتدريس الأدب العربي في كلية غوردون التذكاريّة (جامعة الخرطوم لاحقاً) حيث أمضى عشر سنوات. وبسبب عدم تجديد عقد عمله، كان عليه الرحيل والبحث عن عمل في مكان آخر.
وفي سنة 1961 تم تعيينه للتدريس في الجامعة الأميركيّة في بيروت . أمضى فيها ما يقارب ربع قرن من الزمن كانت أكثر سنيّ حياته نشاطاً وإنتاجاً وعطاء علمياً لبل اندلاع الحرب الأهليّة في لبنان سنة 1975.
أتاح له عمله أستاذاً في الجامعة الأميركيّة تلقّي دعوات عديدة للمشاركة في مؤتمرات علميّة، وكان يحضر في صيف كلّ عام مؤتمرات المستشرقين في عواصم غربية مختلفة، كما كان يُدعى لإلقاء محاضرات في جامعات أوروبيّة وأميركيّة فيلتقي الأساتذة والعلماء والباحثين في مجالات الدراسات العربيّة والشرقيّة. وفي سنة 1970 ألقى محاضرات في عدد من الجامعات البريطانيّة. وفي 1971 دُعي لزيارة الجامعات الألمانيّة ومراكز الدراسات الاستشراقيّة في ألمانيا. وكانت قد توثقت صلته بالمستشرقين الألمان من خلال المعهد الألماني للبحوث في بيروت، فعُيّن عضو شرف في جمعيّة المستشرقين الألمان (Die Deutsche Morgenlandische Gesellschaft).
وفي السنة الدراسية 1975-1976 دعي ليكون أستاذًا زائراً بجامعة برنستون الأميركيّة حيث وضع كتابيه "اتجاهات الشعر العربي المعاصر" و"ملامح يونانيّة في الأدب العربي". ولعدم تمكنه من العودة إلى بيروت بسبب ظروف الحرب الأهليّة، أمضى سنة ثانية بجامعة برنستون، ثم عاد بعدها إلى الجامعة الأميركيّة في بيروت التي غادرها عند تقاعده في سنة 1986 إلى عمّان.
كانت عمّان محطة إحسان عباس الأخيرة حيث عاش فيها ما تبقّى من سنوات عمره. وعلى الرغم من شعور الإحباط الذي فرضه الوضع السياسي في البلاد العربيّة على الإنسان العربي، فقد واصل نشاطه العلمي وعطاءه الأدبي تأليفاً وتحقيقاً لكتب التراث وترجمةً. كما وضع في تلك الفترة سيرته الذاتية "غربة الراعي"، ونشر ديواناً يضمّ قصائد كان قد نظمها زمن شبابه بفلسطين بعنوان "أزهار برّية". كذلك شارك بمناقشة عدد من الرسائل الجامعيّة في الجامعة الأردنيّة وجامعة اليرموك، وعمل في المجمع الملكي على إنجاز "موسوعة الحضارة الإسلامية".
توفي إحسان عباس في عمّان في 29 تموز/ يوليو 2003 عن عمر ناهز ثلاثة وثمانين عاماً وفيها دفن.
شغل الدكتور إحسان عباس العديد من الوظائف:
1- مدرسا في جامعة الخرطوم ما بين العام (1951- 1961).
2- معلما في مدينة صفد في الفترة الواقعة (1941-1946)
3- عمل أستاذا زائرا في جامعة "برنستون" بأمريكا خلال عامي 1975-1977
4- عمل رئيس تحرير لمجلة "الأبحاث" الصادرة عن كلية الآداب بالجامعة الأمريكية في بيروت
5- وفي نهاية المطاف عمل في الجامعة الأردنية ومؤسسة آل البيت.
تميز بعلاقته مع العديد من الشخصيات الفلسطينية وعلى رأسهم عز الدين القسام وتقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير.
اثر نكبة عام 1948، لم يتمكن من العودة إلى فلسطين.
احتل العديد من المواقع، حيث كان عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق ومصر والأردن، وعضوا في المجمع العربي العلمي العراقي، ومعهد المخطوطات العربية بالكويت، والجمعية الشرقية الألمانية والمعهد الاسباني في مدريد.
قلد من قبل الحكومة اللبنانية وسام "المعارف الذهبي" من الدرجة الأولى عام 1990، وفاز بجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي سنة 1980، ومنح وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.
من المتعارف عليه أن إحسان عباس هو واحد من المع نجوم الثقافة العربية، كان بمثابة موسوعة معرفية هائلة ومترجما محكما، وطاقة بشرية فذة اتسمت بالجلد والصبر، وشخصية مخلصة للعلم والمعرفة.
قام بإنتاج ما يربو على ثمانين كتابا، وكان ذو بصرة متميزة ومتفتحة منطلقا من القديم والجديد.
من مؤلفاته:
1- الحسن البصري – القاهرة / 1952.
2- عبد الوهاب البياتي والشعر العراقي الحديث – بيروت / عمان 1955.
3- فن الشعر – بيروت عام 1953.
4- تاريخ الأدب الأندلسي – عصر الطوائف والمرابطين.
5- خديرة القصر وجريدة العصر.
6- فن الشعر.
7- فن السيرة.
8- الشعر العربي في المهجر الاميريكي – دراسة مع محمد يوسف نجم – الشريف الرضي.
9- العرب في صقلية، تاريخ النقد العربي.