أبو صالح
ولد محمد صالح مصطفى حسن في قرية قولية قضاء الرملة عام 1935 وترعرع في أجواء حافلة بالمشهد الثوري بعد ثورة 1936 ، ونشأ في كنف أسرة مكافحة من الطبقة المتوسطة بين ثلاثة أشقاء وشقيقة واحدة، وقد استشهد شقيقه الاكبر (مصطفى) متأثراً بجراحه في حرب عام 1948. وعندما وقعت النكبة هاجرت الاسرة الى قرية بيت ريما/ رام الله، ثم إلى مخيم المحطة في عمان.
اضطرته ظروف الحياة إلى إعالة عائلته، ولذا لم يكمل تحصيله العلمي، وعمد إلى تثقيف نفسه بنفسه، وعرف بنظرته التحليلية والاستشرافية.
عمل ابو صالح في مصانع الإسمنت، ثم موظفا في شركة الفوسفات الأردنية، وفي اثناء ذلك أسس مع اخرين إطارا نقابيا للعمال.
انتقل عام 1960 الى الكويت وعمل في قطاع الإنشاءات سائق رافعة (ونش) في ميناء الشويخ، وهو ما ظل يعتز به طوال حياته، إضافة الى اعتزازه بجذوره كفلاح فلسطيني وبإنتمائه إلى الطبقة العاملة عندما تبلورت حركة فتح، التقى مع بعض قياداتها انذاك ومنهم عادل عبد الكريم ومحمود مسودة وخالد الحسن وياسر عرفات، فانضم إليها وكان مع جماعته ضمن مجموعتها الاولى عام 1963 واصبح احد قادة الحركة.
بعد نكسة حزيران عام 1967 تفرغ للحركة في الاردن عضوا في قيادة العاصفة ومسؤولا للقطاع الغربي، فشرع مع ياسر عرفات ومحمود مسودة تشكيل خلايا عسكرية مقاتلة في مدينة نابلس (داخل الارض المحتلة) وتم اعتقاله، لكن صموده أمام المحققين الإسرائيليين وعدم اعترافه أدى الى اطلاق سراحه فعاد الى الاردن.
جرى تكليفه بالإشراف على معسكر أنشاص في مصر، لتدريب المقاتلين وتثقيفهم، حيث قاد اول دورة عسكرية تدريبية أرسلت إلى مصر في تشرين أول عام 1967، وهناك تعرف على الفريق محمد صادق وغيره من القيادات العسكرية والسياسية المصرية مما كان له الأثر الكبير في تعزيز العلاقة وبناء الثقة بين مصر والحركة.
يعد أبو صالح قائداً للتيار التقدمي في فتح ويعتبره اخرون- إضافة لذلك أنه الفعل الثوري الحقيقي في الساحة الفلسطينية ورمزاً عربيا وعالميا، كما تميز بالجرأة والشجاعة في الدفاع عن الثورة الفلسطينية والنضال في سبيل تحقيق أحلام الشعب الفلسطيني، فقد اشتهر عنه مقولة " البندقية هي الوطن الثاني للشعب الفلسطيني".
عام 1970 انتقل الى لبنان بعد احداث ايلول في الاردن، وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 انتقل الى سوريا.
ساءت علاقته مع ياسر عرفات قبيل الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 بسبب الخلاف حول كيفية مواجهة العدوان الاسرائيلي المتوقع، ثم تعمق الخلاف إثر خروج قوات منظمة التحرير من بيروت، فقد وضعته السلطات السورية تحت الإقامة الجبرية وتوفي بتاريخ 3-10-1991 في منزله بدمشق على إثر مكالمة هاتفية من مسؤول سوري كبير إذ استفزه فكانت آخر كلماته –غاضباً حازماً- "أنا لن يمنعني اليوم أحد من الخروج من سوريا" فاختاره ربه ليسكن إلى جواره شهيدا، حيث دفن بمقبرة الشهداء في مخيم اليرموك. وعندما أبلغ أبو عمار بنبأ وفاة أبو صالح, قال" مات الرجل الجسور".