جمال الصوراني

جمال عمر الصوراني واحد من الرجال المخضرمين، وأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية؛ وعضو لجنتها التنفيذية على مدار عقود طويلة؛ وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس المركزي الفلسطيني؛ والأمين العام السابق للاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين، والأمين المساعد لاتحاد المحامين العرب سابقاً.
 

ولد جمال عمر الصوراني عام 1923م في مدينة غزة، وهو النجل الأكبر للمرحوم عمر أحمد الصوراني (رئيس بلدية غزة في الفترة (1925 – 1928)). توفي والده مبكراً حين كان جمال في سن الصبا المبكر؛ فنشأ وترعرع في كنف عمه (موسى أحمد الصوراني) الذي تقلد العديد من المناصب والمسؤوليات الوطنية والسياسية، وكان أبرزها: معتمد الحزب العربي الفلسطيني، وعضو الهيئة العربية العليا؛ وممثلاً ونائباً للحاج/ أمين الحسيني في لواء غزة.
 

أنهى تعليمه الإبتدائي في مدينة غزة، ثم حصل على الثانوية من مدرسة صهيون التبشيرية (مدرسة المطران كوبات) بالقدس عام 1942، أكمل تعليمه الجامعي في بيروت بالجامعة الأمريكية؛ حيث درس العلوم السياسية؛ وتخرج عام 1946، وعمل في مكتب الهيئة العربية العليا بالقدس.

انتسب إلى كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وحصل منها على إجازة في القانون عام 1961، وافتتح مكتباً للمحاماة.

 في أعقاب  قرار التقسيم رقم (181) الصادر في 29 نوفمبر 1947 التحق بقوات الجهاد المقدس، التي كانت تعمل تحت زعامة المفتي الحاج أمين الحسيني؛ وكان يرأسها في اللواء الجنوبي متطوع عراقي اسمه عبد الحق العزاوي (أبو ماضي)؛ وعهد المفتي إلي جمال ليكون مساعداً للعزاوي، ومسؤولاً باسم حكومة عموم فلسطين أمام قوات الجهاد المقدس في منطقة غزة، فاشترك في معارك (عراق سويدان) على طريق "المجدل – الفالوجا".
 
بعد عام 1948 وقع الاختيار عليه ليتولى سكرتارية المجلس الإسلامي الأعلى عندما قرر الحاكم العام (المصري) تشكيله بعد أن انفصلت غزة عن القدس التي كان المجلس الإسلامي الأعلى فيها يُشرف على الأمور الدينية بما فيها إدارة الأوقاف والقضاء الشرعي في قطاع غزة.
 
أسس جمعية المناضل الجريح عام 1949م وكذلك أسس النادي الفلسطيني بمدينة غزة عام 1954م.  تم انتخابه رئيساً للنادي الذي تجاوز صفته الرياضية ليصبح منتدى سياسيًا عسكريًا لكافة الأنشطة الاجتماعية والسياسية والعسكرية أثناء تشكيل كتيبة الفدائيين بقيادة الشهيد العقيد مصطفى حافظ.
 
في العدوان الثلاثي عام 1956م على مصر وقطاع غزة شارك في قيادة المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث اعتقل من أجل ذلك مع الرموز الوطنية المعروفة آنذاك في قطاع غزة.
 
كان جمال الصوراني أحد مؤسسي الجبهة الوطنية التي تشكلت من كافة القوى السياسية التي عرفها القطاع آنذاك (الشيوعيون، والإخوان المسلمون، والقوى الوطنية، والبعثيون، والقوميون العرب) حيث لم يرق للإدارة المصرية والحاكم الإداري العام لقطاع غزة أن تضم هذه الجبهة كل هذه الأحزاب؛ حيث خرجت عن طوع توجهاتها.
 
انتخب جمال الصوراني عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد القومي العربي الفلسطيني عام 1962م، كما فاز بانتخابات المجلس التشريعي عام 1962م والذي عرف آنذاك باسم "الاتحاد القومي".
 
 كان جمال الصوراني كان أحد قادة العمل الوطني في القطاع الذين هبوا ضد مشروع التوطين وضد تدويل القطاع لاحقاً والذي كان محاولة أوليه لإنهاء القضية الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين ودمجهم في دول الجوار.
 
أصبح جمال الصوراني من رجال السياسة المعروفين في فلسطين حيث ارتبط بعلاقات محبة ومودة مع الرؤساء والزعماء العرب. وبفضل هذه العلاقة كسبت قضية بلاده تأييداً واحتراماً من الآخرين، كما اشترك في العديد من الوفود السياسية واللقاءات والمؤتمرات الدولية الخاصة بقطاع غزة.
 
 
جمال الصوراني من مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، وعُين مديراً لمكتبها بالقاهرة،عندما تم إبراز الكيانية الفلسطينية واقتراح بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية من خلال مؤتمر القمة العربية الذي عقد عام 1964م والتي كلف بموجبه أحمد الشقيري بدء التحضير من خلال مشاورات فلسطينية مع الكفاءات والزعامات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات؛ حيث كان جمال الصوراني من الأوائل الذين اتصل بهم أحمد الشقيري والتقى معهم للتحضير لميلاد هذا الكيان الذي أعلن عن تأسيسه في المؤتمر الفلسطيني الأول الذي عقد في مدينة القدس خلال الفترة من 28/5 إلى 2/6/1964م؛ فكان من قرارات هذا المؤتمر الإعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، قيادة معبرة عن تطلعات الشعب الفلسطيني ومعبئة لقواه الحية لخوض معركة التحرير.
 
منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م تحمل جمال الصوراني العديد من المهام والمسؤوليات؛ فكان عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس المركزي؛ وأصبح فيما بعد عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأمين للسر فيها لعدة مرات كان آخرها عام 1985، وكثيراً ما اختير لتمثيل المنظمة في وفود ومؤتمرات عالمية.

منذ عام 1971 ترأس الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين؛ ونقيباً لمحاميي فلسطين منذ عام 1967، وانتخب كذلك أميناً مساعداً لاتحاد المحامين العرب، وعضو اتحاد الحقوقيين الدولي. مثل فلسطين في اجتماعات اتحاد المحامين العرب، وحضر مؤتمرات الحقوقيين العالمية، وشارك في المؤتمرات العربية والإسلامية.
 
 

 توفي جمال عمر الصوراني (أبو عمر) في القاهرة يوم الثلاثاء الموافق 22/4/2008م عن عمر ناهز الـ 75 عاماً، بعد صراع طويل مع مرض عضال وتم تشييع جثمانه بمشاركة شخصيات فلسطينية ومصرية والعديد من السفراء العرب ودفن في مزرعته بمحافظة الفيوم.

نعاه الرئيس محمود عباس (أبو مازن) قائلاً: لقد غيب الموت عنا إبناً باراً وقائداً من ذلك الرعيل الأول من القادة الأوائل الذين حملوا الهم الفلسطيني أينما حلوا... وحملوا حلم شعبنا وطافوا به في شتى أصقاع المعمورة؛ وانخرط في ساحات العمل الوطني وهو في ريعان شبابه؛ حيث كان من أوائل المناضلين الذين انبروا دفاعاً عن الأرض والمقدسات؛ إذ كان عضواً في اللجنة التنفيذية منظمة التحرير الفلسطينية؛ والأمين المساعد لاتحاد المحامين العرب، ورئيس اتحاد المحامين الفلسطينيين.
 
وقال: ببالغ الحزن والأسى أنعي باسمي وباسم اللجنة التنفيذية ل م.ت.ف ولشعبنا وقادتها المناضل والقائد الكبير جمال الصوراني. لقد خسرت أمتنا بأسرها مناضلاً وطنياً قومياً كافح وناضل في كل الساحات، وكان طليعياً ورائداً.
وفي الأول من أيار 2018 منحه الرئيس محمود عباس وسام "نجمة الشرف"؛ تقديراً لعطائه ودوره الريادي والتزامه الوطني المتميز، وتثميناً عالياً لسيرته ومسيرته النضالية المشرفة في الدفاع عن وطنه فلسطين أرضاً وشعباً وقضية عادلة.