"أبو المعتصم"
ولد أحمد عفانة عام 1925، في بلدة بورين جنوب مدينة نابلس؛ أكمل دراسته في القرية، ثم انتقل إلى مدينة نابلس حيث حصل على "المترك". شارك في جيش الإنقاذ عام 1948م بقيادة المجاهد عبد القادر الحسيني في التصدي للعصابات الصهيونية. تطوع في الجيش الأردني بعد النكبة، وتخرج ضابطاً من كلية "ساندهيرست العسكرية"، وبقى مستمراً في عمله حيث عين قائد كتيبة الهندسة الرابعة، أحيل إلى التقاعد بعد حرب حزيران عام 1967م وهو برتبة عقيد.
كان من أوائل الذين انتسبوا إلى حركة فتح، وشارك في "معركة الكرامة" الشهيرة بتاريخ 21/3/1968م. عين مديراً لعمليات فتح المركزية؛ حيث كان مقره في قاعدة (10) التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية عام 1969م وعام 1970م. وأثناء الأحداث في عمان، نقل مقر العمليات المركزية إلى "حي الأشرفية"؛ حيث كان خليل الوزير أبو جهاد.
أثناء انتقال القوات من عمان إلى جرش وعجلون، عين أبو المعتصم قائداً لقوات فتح في أحراش جرش ودبين. وخلال أحداث عام 1971م بين المقاومة الفلسطينية والسلطات الأردنية، اعتقل وأفرج عنه فيما بعد، حيث كان تجمع لاعتقال المقاتلين في قاعدة الطيران العسكرية في المفرق.
بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من الساحة الأردنية بعد أحداث أيلول الأسود وفي عام 1971م، عين العميد أبو المعتصم مديراً للعمليات المركزية لحركة فتح، حيث كان مقر العمليات في منطقة الهامة؛ ثم نقلت إلى مقرها الجديد في "حي المزرعة" بالعاصمة السورية (دمشق)؛ وبقي في هذا الموقع حتى عام 1975م عندما عين العميد الركن سعد صايل (أبو الوليد) مديرًا للعمليات المركزية لقوات الثورة الفلسطينية في لبنان، على إثر ذلك تم تعيين العميد أبو المعتصم مديرًا عامًا لمديرية الاحتياط؛ وكان مقرها في بيروت. وهذه المديرية مسؤولة عن أبناء حركة فتح الموجودين في الأقاليم الخارجية، والتي كانت ترفد قوات الثورة العسكرية بالشباب الراغبين بالالتحاق بها.
أثناء اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982م، عين العميد أبو المعتصم قائداً لمنطقة البقاع اللبناني، وذلك أثناء فترة الحصار لبيروت.
أثناء انعقاد المؤتمر الثالث لحركة فتح في حموريا بدمشق عام 1971م، عين العميد أبو المعتصم عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح عن المجلس العسكري؛ وفي المؤتمر الرابع الذي عقد في مدينة أبناء الشهداء في شهر مايو 1980م، عين عضواً في المجلس الثوري للحركة عن المجلس العسكري. تم تعيين العميد أحمد عفانة (أبو المعتصم) نائباً لرئيس "هيئة الأركان لقوات الثورة الفلسطينية" اعتباراً من تاريخ 5/2/1983.
خلال المؤتمر الخامس للحركة، والذي عقد في شهر أغسطس عام 1989م، رشح نفسه لعضوية "اللجنة المركزية" للحركة؛ إلا أن الحظ لم يحالفه، وكان عضوًا في المجلس المركزي والمجلس الوطني الفلسطيني.
رقي إلى رتبة "لواء"؛ وكان يشرف إشرافاً مباشراً على "لجنة لبنان"، وكان هو صاحب فكرة عودة المقاتلين إلى لبنان؛ ونجح في ذلك. كما أشرف على قوات الثورة الفلسطينية المنتشرة في الدول العربية في الشتات.
لقد كان شمعة مضيئة في تاريخ الثورة الفلسطينية، وقائداً له بصماته التاريخية في المسيرة الثورية وحركة فتح. فقد ترأس الفريق/ أبو المعتصم العديد من الوفود العسكرية إلى الدول الصديقة والدول العربية، وقام بعقد صفقات لشراء السلاح للحركة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كما ساعد في إرسال العديد من الكوادر العسكرية للتدريب في تلك الدول.
خاض أبو المعتصم معارك النضال والبطولة في كل المنعطفات التي مرت بها الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأثبت خلالها شجاعة نادرة وقيادة عسكرية فذة أكسبته احترام الجميع. تم ترقيته إلى رتبة "فريق". منحه سيادة الرئيس/ محمود عباس "وسام نجمة فلسطين العسكري"؛ تقديراً لدوره النضالي في مجال العمل العسكري والوطني، وتثميناً لجهوده وإخلاصه بالدفاع عن الثورة الفلسطينية، والمساهمة في بناء المؤسسة العسكرية الفلسطينية.
توفي أحمد عفانة بتاريخ 24/2/2015 في تونس، عن عمر ناهز 90 عامًا، وقد نعاه الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وقال: برحيل الفريق أحمد عفانة (أبو المعتصم)، غاب عن ساحة العمل الوطني مناضل وطني كبير شاهد على هذه المسيرة المظفرة التي قدم خلالها العطاء الموصول بكل إخلاص وتفان، وفي كل المواقع التي تبوأها دفاعاً عن شعبنا وثورته في كل محطات نضالنا ومسيرتنا التاريخية. لقد خسرت فلسطين ابناً باراً من أبنائها الذين نذروا أنفسهم من أجل أن ينبعث فجر الحرية على ثراها الطهور.