ولد الموسيقي الفلسطيني سلفادور عرنيطة في مدينة القدس في 4/3/1914م، تفتحت موهبته الموسيقية في سن مبكرة؛ إذ ما كاد يبلغ الحادية عشرة من عمره حتى عين عازفًا مساعدًا على آلة الأورغ في كنيسة القيامة في القدس، وفي السادسة عشرة من عمره التحق بكاتدرائية القديسة كاترين في الإسكندرية عازفًا على آلة الأورغ، ومدربا لجوقة الكنيسة.
التحق سنة 1934 بأكاديمية "سنتا تشيشيليا" الموسيقية في روما؛ حيث درس البيانو والتأليف الموسيقي تحت إشراف المؤلف الموسيقى "الفريدو كازيلا"؛ وعلى عازف الأورغ تحت إشراف "فرناندو جرماني"؛ وكلاهما من كبار الأسماء في عالم الموسيقى الغربية في القرن العشرين.
تخرج عرنيطة من أكاديمية سنتا تشيشيليا العريقة سنة 1935م، ونال في ختام دراسته في روما جائزة الارتجال الأولى. وفي العام 1937 توجه إلى لندن حيث درس قيادة الأوركسترا والكورال على لاندون رولاند London Rolalnd من 1873 وحتى 1938م، الذي كان يحمل اللقب الملكي السير (Sir)؛ ونال عرنيطة إجازة مدرسة غيلدهول الموسيقية اللندنية.
وما كاد عرنيطة يبلغ الثالثة والعشرين من عمره سنة 1937 حتى عين مديرًا للقسم الموسيقي في جمعية الشبان المسيحية (YMCA) في القدس. ، وفي سنة 1949 التحق بهيئة التدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت بعد أن ترك القدس مع عائلته إثر نكبة 1948. وهناك تدرج في التدريس، من مدرس إلى أستاذ مساعد، فأستاذ مشارك، فأستاذ كرسي؛ وتولى إلى جانب التدريس رئاسة القسم الموسيقي عدة مرات. أمضى سنة دراسية في جامعة هارفرد قاد خلالها أوركسترا بيتسبورغ السمفونية وأوركسترا تانغلوود؛ كما قدم حفلات على آلة الأورغ في قاعة هارفارد ميموريال وقاعة كريسكي.
قاد فرقًا موسيقية متعددة، منها "أوركسترا غيلدهول" السيمفونية عامي 1936 و1938؛ و"أوركسترا راديو القدس" من سنة 1941 إلى سنة 1947"؛ وأوركسترا القاهرة السيمفوني في سنة 1966م؛ كما قاد أوركسترا برلين السيمفوني، وأوركسترا هالي السيمفوني، وأوركسترا راديو تورينو.
كان سلفادور عرنيطة عضوًا في لجنة التأليف الموسيقي الدولية منذ سنة 1955م؛ وعضوا في رابطة عازفي الأرغن الأمريكية، وكذلك في مجلس الفنون الشعبية الدولية؛ منذ سنة 1960؛ وانضم في سنة 1969 إلى الجمعية الأمريكية للأساتذة الجامعيين.
في سنة 1965م، حصد عرنيطة الجوائز الثلاث الأولى في مسابقة التأليف الموسيقي الثانية التي نظمتها جمعية الشبيبة الموسيقية في بيروت؛ وكانت لجنة التحكيم مشكلة من أعضاء من بلجيكا وفرنسا وإسبانيا وبولندا وتركيا.
وتشير سيرة سلفادور عرنيطة الذاتية بأن مؤلفاته الموسيقية بلغت 204؛ منها ثلاث سيمفونيات، وأربع كونشرتات للبيانو والأرغن والفلوت والفيولا، ومتتاليتان (Suites)، وعشر مقدمات (Preludes) للبيانو، وسوناتاتان للبيانو، وأربع مقدمات وفوغ للأرغن، ورباعيتان وتريتان، وأربع ريفيات للأوبوا والأوركسترا، إحداها فازت بالجائزة الأولى التي سبق ذكرها، وسبع رقصات شرقية، و45 مقطوعة كورالية للكورال والأوركسترا، كما وضع نشيدًا كوراليًا بمناسبة مرور مئة سنة على تأسيس الجامعة الأمريكية في بيروت سنة 1966م.
تم تقديم مجموعة من مؤلفاته الموسيقية في فلسطين والأردن وألمانيا واليونان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وأستراليا والشرق الأوسط، من أهم الآوركسترات:
أوركسترا هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وأوركسترا بيتسبرغ، وأوركسترا برلين المسفوني، وأوركسترا راديو تورينو، وأوركسترا PTT الفرنسية، وINR البلجيكية، وأوركسترا سيدني المسفونية، وأوركسترا راديو وارسو، وأوركسترا القاهرة السمفوني، وأوركسترا راديو فيينا؛ ومؤخرا خلال السنوات السبعة الماضية تبنى معهد إدوراد سعيد الوطني للموسيقى – جامعة بيرزيت تقديم أعماله من قبل الأوركسترا الوطنية الفلسطينية وأوركسترا فلسطين للشباب.
أصدر الثنائي (سلفادور عرنيطة، وزوجتة يسرى جوهرية عرنيطة) كتاب "شادي وشادية" المتضمن أغان وألحان للأطفال موجهة للصفوف: التمهيدي، والأول، والثاني. وقد الحق الكتاب بكتاب أخر موجه للمعلم يحمل نفس العنوان، ويتضمن "إرشادات فنية للمعلم مع شرح الأغاني واصطحابها على البيانو". ويحصر كتاب الأغاني والألحان للأطفال مسؤولية نظم النصوص الشعرية بيسرى؛ والتلحين بسلفادور. ولما كان كتاب المعلم يحمل اسم يسرى كمؤلفة وسلفادور كملحن؛ فإن الجزء الذي يسبق الأغاني والمعزوفات فيه هو من تأليف يسرى.
تقاعد عرنيطة من الجامعة عند بلوغه الخامسة والستين من عمره؛ فتوجه بعد ذلك مع زوجته (يسرى جوهرية) إلى الأردن ليمضي سنواته الأخيرة؛ حيث توفي في عمان في 14/3/1985م؛ بعد أن تغلب عليه مرض السرطان.
وفي 3/3/2014 منح الرئيس محمود عباس الموسيقار الفلسطيني الفقيد سلفادور عرنيطة "وسام الثقافة" - مستوى الإبداع؛ حيث تسلم الوسام كريمته "شادية عرنيطة" بمقر الرئاسة في رام الله.