سعيد الشوا

ولد رئيس بلدية غزة سعيد الشوا في مدينة غزة سنة 1868، وتلقى علومه الأولية في المدينة ونشط في العمل الاجتماعي فأصبحت له مكانة خاصة بين أبناء مدينته في العهد العثماني، وبعد الاحتلال البريطاني لفلسطين، مثل الشوا جنوب فلسطين في المجلس الإسلامي الأعلى في الدورتين الأولى والثانية.

عُيّن سعيد الشوا سنة 1904 عضواً في مجلس إدارة قضاء غزة، مكان والده، ثم عين رئيساً لمجلس بلدية غزة سنة 1906، وبقي في هذا المنصب عشرة أعوام ونيف حتى قيام بريطانيا باحتلال فلسطين. وخلال توليه رئاسة مجلس بلدية غزة، بنى مقراً للبلدية، كما تمّ، في عهده، بناء المدرسة الأميرية، وبناء المستشفى البلدي. وينسب عارف العارف إليه كونه أول من أدخل المحراث الحديث إلى غزة سنة 1911.

بعد إعادة العمل بالدستور العثماني في سنة 1908، انضم سعيد الشوا إلى "جميعة الاتحاد والترقّي" في غزة، وصار، خلال الحرب العالمية الأولى، مقرباً من حاكم بلاد الشام والحجاز التركي جمال باشا، لما أسداه للجيش العثماني من خدمات كثيرة بعد إخفاق هذا الجيش، في مطلع سنة 1915، في احتلال قناة السويس، التي كانت تسيطر عليها القوات البريطانية، وتراجع فلوله إلى غزة. وقد قدم له جمال باشا نياشين عثمانية تقديراً لمساعدته الجيش العثماني وهو على رأس مجلس بلدية غزة. وبسبب تلك العلاقة التي جمعته بجمال باشا، نجح في إنقاذ ابنه رشدي وقريبه عاصم بسيسو من الإعدام في بيروت سنة 1915.

بعد سيطرتها على فلسطين، قامت السلطات البريطانية، باعتقال سعيد الشوا بسبب علاقاته بالأتراك وخدماته لهم، بيد أن فترة سجنه لم تطل، وصدر العفو عنه. وبعد خروجه من المعتقل، انخرط سعيد الشوا في نشاط الحركة الوطنية الفلسطينية، فمثّل غزة في المؤتمر العربي الفلسطيني الأول الذي عُقد في القدس في الفترة ما بين 27 كانون الثاني/ يناير و10 شباط/ فبراير 1919، كما حضر المؤتمرين العربيين الفلسطينيين الرابع (1921)، والخامس (1922).

وكان سعيد الشوا قد شارك، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1920، في الاجتماع الذي جمعت فيه سلطات الانتداب البريطاني عدداً من الوجهاء والعلماء الفلسطينيين للتداول في تنظيم الشؤون الإسلامية وإدارتها، وانتهى بتشكيل لجنة من ثمانية من المسلمين كان الشوا في عدادهم ممثلاً وجهاء غزة. وعقب سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها برئاسة المندوب السامي البريطاني، قررت هذه اللجنة، في 12 آذار/ مارس 1921، إنشاء جمعية إسلامية شرعية وحددت نظامها، الذي انبثق منه في كانون الأول/ ديسمبر 1921 قيام المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي أنيطت به مهمة الإشراف على الإفتاء والأوقاف الإسلامية والمحاكم الشرعية.

ولما جرت الانتخابات العامة سنة 1922 على مستوى فلسطين لاختيار أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الخمسة، انتخب سعيد الشوا واحداً منهم ممثلاً عن لواء الجنوب، إلى جانب مفتي القدس محمد أمين الحسيني، الذي تسلم رئاسة المجلس، والشيخ محمد مراد عن قضاء حيفا، وعبد اللطيف صلاح عن لواء نابلس وعبد الله الدجاني عن قضاء يافا. وأعيد اختيار سعيد الشوا عضواً في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ثانية وثالثة، وبقي كذلك حتى وفاته سنة 1930. وكان في مواقفه شديد الانسجام مع محمد أمين الحسيني وعضده الأقوى في غزة، وهو ما جعل مفتي القدس يساعده على تحقيق رغباته ومشاريعه.

شيّد سعيد الشوا، خلال حياته، عدة جوامع ومدارس في غزة، كما اهتم بترميم وتعمير الجامع الكبير فيها بعد أن كان خراباً، وكان ذلك سنة 1926 – 1927 . وبقي يهتم بالأوقاف ويساعد أهل غزة في قضاء حاجاتهم حتى توفي في تشرين الأول / أكتوبر 1930، حيث شُيع في غزة بجنازة كبيرة نعاه فيها مفتي القدس ورئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى محمد أمين الحسيني، ومفتي نابلس. وخلّف الشوا ثروة طائلة من الأراضي في غزة وبئر السبع تبلغ مساحتها نحو خمسين ألف دونم.