اميل توما

لم يكن الدكتور إميل توما مناضلا ثوريا فقط، بل كان مفكرا ومؤرخا للقضية الفلسطينية أيضا، وحظي باحترام وتقدير عال على الصعيد العربي والدولي، وفي الأوساط الجماهير، العربية منها واليهودية، لما اتسمت به طروحاته وأفكاره من بعد أممي وإنساني مناهض للتعصب القومي.

ولد اميل توما في حيفا عام 1919، وتعتبر عائلته واحدة من العائلات الحيفاوية الغنية، إلا انه اختار الانضمام إلى قطاعات العمال والفلاحين.

درس في مدرسة المطران في القدس، ثم سافر إلى بريطانيا للالتحاق بجامعة كمبردج، إلا أن الحظ لم يحالفه لمواصلة تطلعه الأكاديمي، بسبب تواجده في حيفا أثناء اندلاع الحرب العالمية الثانية، فالتحق عام 1965 بمعهد الاستشراق في موسكو ونال شهادة الدكتوارة فيه عام 1968.

انضم الى الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 1939، بعد عودته من لبنان حيث كان سجنته سلطات الانتداب الفرنسي في معسكر بعلبك لثلاثة أشهر.

وفي عام 1944 ترأس تحرير جريدة "الاتحاد" الحيفاوية الناطقة بلسان حال العمال العرب في فلسطين، وكان يتطلع، ورفاقه أمثال اميل حبيبي لكي تكون جريدة الاتحاد منبرا تعبويا مهما من اجل استقلال فلسطين وإقامة دولة ديمقراطية مستلقة.

أسس، وعدد من رفاقه اتحاد نقابات وجمعيات العمال العرب، ولعب دورا أساسيا في تأسيس "عصبة التحرر الوطني"، وكان سكرتيرا عاما لها.

عمل اميل توما ورفاقه في عصبة التحرر الوطني من اجل ديمقراطية الحركة الوطنية ووحدتها واستقلاليتها، على أن تكون عصبة التحرر صانعة للقرار السياسي بكل ما يتعلق بالشعب الفلسطيني، وأصدرت العصبة قرارا يقضي بإقامة جبهة عربية عليا لتكون قائدا للشعب الفلسطيني، حيث نجح اميل توما في إقامة "الجبهة العربية العليا" والتي شملت عصبة التحرر الوطني ومؤتمر العمال العرب وأحزاب الاستقلال والدفاع والكتلة الوطنية ومؤتمر الشباب.

لم يكن اميل توما مناضلا فحسب، انما مفكرا مؤرخا، حيث كتبت مجلة "فلسطين الثورة" في افتتاحيتها في العدد الذي صدر بتاريخ 31/8/1985،" ان اميل توما لم يراقب التاريخ ويسجله من موقع محايد، انما شارك في صنع التاريخ ثم سجله من موقع الملتزم".

حيث لم تكن مؤلفاته مجرد سرد وقائع تاريخية، بل كانت تمثل تحليلا عميقا ونقدا مبدئيا موضوعيا ورؤية شاملة مع قدرة عالية على استخلاص العبر والنتائج.

دعا اميل توما في كتاباته الى حل النزاع العربي الإسرائيلي انطلاقا من رؤيته الحزبية، القائمة على انسحاب إسرائيل من كافة المناطق التي احتلتها عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الى جانب حق اللاجئين في العودة أو الحصول على تعويضات لمن لا يرغب في العودة.

اصدر معهد اميل توما للأبحاث السياسية والاجتماعية في حيفا، الأعمال الكاملة لإميل توما وعددها 14 مؤلفا.

إضافة الى مؤلفه الشهير "مسيرة الشعوب العربية الحديث".

قدم إميل توما الكثير، من خلال مساهماته كمفكر وكقائد شعبي مدافع عن الهوية الفلسطينية وأهمية التمسك بها، كما قدم الكثير في مجال الدفاع عن الثقافة العربية في مرحلة حاولت فيه السلطة الحاكمة وأبواقها طمس الهوية العربية ونشر الثقافة العدمية القومية.

كما لعبت جريدة الاتحاد دورا في هذا المجال وفي نمو كوكبة من الشعراء والكتاب الوطنين.

كان اميل توما يتمتع بشخصية قوية جذابة، واحب الإصغاء الى الناس وسماع أفكارهم وانتقاداتهم.

توفي إميل توما عام 1985.

من مؤلفاته:

1- العرب والتطور التاريخي في الشرق الأوسط عام 1962.

2- ثورة تموز في عقدها الأول – عام 1962.

3- الأمة والمسالة القومية الماركسية – عام 1971.

4- يوميات شعب – عام 1973.

5- الفكر الاجتماعي في الإسلام – عام 1978.

6- الحركات الاجتماعية في الإسلام – عام 1979.