ولد الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد، في قرية ذنابة، المجاورة لمدينة طولكرم عام 1892 وهو من عائلة آل سيف ذات النضالات العريقة، فأحد أجداده ناضل مع صلاح الدين الأيوبي، وآخر تصدى مع مجموعة منظمة من منطقته لقوات نابليون القادمة لاحتلال عكا، حيث قبض عليه وتم إعدامه شنقا كما وينحدر مجاهدنا من أصول طبقية امتلكت المساحات الواسعة من الأرض وامتدت أراضيها من قرية ذنابة شرقا حتى البحر المتوسط غربا.
عمل عبد الرحيم في تجارة الحبوب في العشرينات من هذا القرن، بعد أن خدم في الجيش التركي في بيروت وطرابلس الشام، وكان ذلك في الحرب العالمية الأولى.
بينما كان يقوم شيخ المجاهدين عز الدين القسام في جامع الاستقلال بمدينة حيفا على توعية الناس ونشر فكرة النضال المسلح للوقوف في وجه الخطر الصهيوني في فلسطين، كان عبد الرحيم محمد يقوم بدعوى مماثلة في منطقة طولكرم، وقد لقيت دعوته نجاحا بين صفوف الفلاحين، وكذلك سكان المدن الذين أحبوه، واخذ يجمع التبرعات لشراء الأسلحة ويقوم بتدريبات سرية لبعض أصدقائه في المناطق الشرقية من ذنابة مستغلا خبرته العسكرية السابقة أبان خدمته في الجيش التركي.
اعد عبد الرحيم هذه المجموعة للقيام بأعمال اغتيال ضد جنود العدو وضباطه، وضرب المستعمرات اليهودية القريبة من طولكرم وجنين، كما نشط في إتلاف محاصيلهم الزراعية وبياراتهم وقد أطلق على منطقة نابلس وجنين وطولكرم "مثلث الرعب" وذلك لشدة الهلع والذعر اللذان أصابا الجنود البريطانيين واليهود في تلك المنطقة.
ومع استشهاد القائد عز الدين القسام في العشرين من شهر تشرين ثاني عام 1935، بات عرب فلسطين مقتنعين بضرورة رفع راية الكفاح الشعبي المسلح، وكان أحد ابرز هؤلاء عبد الرحيم الحاج محمد وقد تعزز ذلك أبان الإضراب الكبير، وما تلاه من خروج للثوار لأعالي الجبال.
بعد أن نجحت الجماهير الفلسطينية في تحقيق الاضراب الشامل، أخذت تتحول نحو شكل آخر من النضال يتمثل في الكفاح المسلح وركوب الجبال، وفي هذه الفترة قام عبد الرحيم الحاج محمد بأكثر من هجوم على القوافل والسيارات اليهودية والقوات البريطانية بعد أن توفرت لديهم كميات من البنادق الألمانية والفرنسية والتركية، والذخائر المختلفة التي كانوا يشترونها من سورية ولبنان مقابل أسعار خيالية ومن أشهر المعارك التي خاضها عبد الرحيم معركة جبل السيد في ذنابة ومعركة المنطار في جبال بلعا قضاء طولكرم ومعركة دير شرف في نابلس عام 1936. على أثرهذه العمليات قامت القوات البريطانية بهدم بيته مرتين عام 1936 وعام 1938، ومئات المنازل للثوار.
توجه عبد الرحيم يوم23/10/1936 إلى دمشق خشية الوقوع في أيدي القوات البريطانية التي أعلنت عن تقديم مكافأة كبيرة لمن يقبض عليه، ولم يكن عبد الرحيم على ثقة بصدق نوايا بريطانيا ولذا أقام صلات مع الحركة الوطنية السورية واللبنانية، وشرع في التحضير لجمع السلاح والمعونات المالية حيث عاد إلى فلسطين في تشرين أول 1937 بعد أن قضى عاما كاملا خارجها.
نظم مؤتمر للمصالحة دعي باسم مؤتمر دير غسانة حضره عبد القادر الحسيني قائد منطقة القدس، وعبد الحليم الجيلاني قائد منطقة الخليل. وكان من نتائج المؤتمر عقد مصالحة بين الفريقين، حيث تكللت جهود المؤتمرين بالنجاح، واتفق على تشكيل مجلس قيادة ثورة مكون من عارف عبد الرزاق، وعبد الرحيم الحاج محمد وحسن سلامة، ويوسف أبو درة، ومحمد الصالح " أبو خالد، واتفق على أن تكون قيادة مجلس الثورة بالتناوب الدوري، واتفقا على خطوط الأعمال الحربية الرئيسة.
توجه عبد الرحيم في أواخر عام 1938 أو أوائل عام 1939 إلى دمشق للتباحث مع القيادة السياسية الفلسطينية فيها حول شؤون الثورة، وقرر عبد الرحيم الرجوع من سوريا إلى فلسطين.
في آذار/مارس 1939 استشهد عبد الرحيم الحاج محمد في محيط قرية صانور جنوب جنين في معركة غير متكافئة مع القوات البريطانية التي فرضت طوقا عسكريا على القرية.